للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"وهو الرشيد الذي أقواله رشد، وأفعاله رشد، وهو مرشد الحائرين في الطريق الحسي، والضالين في الطريق المعنوي، فيرشد الخلق بما شرعه على ألسنة رسله من الهداية الكاملة، ويرشد عبده المؤمن، إذا خضع له وأخلص عمله أرشده إلى جميع مصالحه، ويسره لليسرى وجنّبه العسرى والرشد الدال عليه اسم الرشيد وصفه تعالى والإرشاد لعباده. فأقواله القدرية التي يوجد بها الأشياء ويدبر بها الأمور كلها حق لاشتمالها على الحكمة، والحسن، والإتقان وأقواله الشرعية الدينية وهي: أقواله التي تكلم بها في كتبه، وعلى ألسنة رسله المشتملة على الصدق التام في الأخبار، والعدل الكامل في الأمر، والنهي فإنه لا أصدق من الله قيلا ولا أحسن منه حديثاً {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً} (١) في الأمر والنهي.

وهي أعظم وأجل ما يرشد بها العباد بل لا حصول إلى الرشاد بغيرها فمن ابتغى الهدى من غيرها أضله الله، ومن لم يسترشد بها فليس برشيد فيحصل بها الرشد العلمي وهو بيان الحقائق والأصول، والفروع والمصالح والمضار، الدينية والدنيوية، ويحصل بها الرشد العملي فإنها تزكي النفوس، وتطهر القلوب، وتدعو إلى أصلح الأعمال، وأحسن الأخلاق، وتحث على كل جميل، وترهب عن كل ذميم رذيل، فمن استرشد بها فهو المهتدي ومن لم يسترشد بها فهو ضال، ولم يجعل لأحد عليه حجة بعد بعثته للرسل وإنزاله الكتب المشتملة على الهدي المطلق، فكم بفضله هدى ضالاً وأرشد حائراً، وخصوصاً من تعلق به وطلب منه الهدى من صميم قلبه، وعلم أنه المنفرد بالهداية".

٣٩- الرفيق:

قال رحمه الله تعالى: "ومن أسمائه "الرفيق"في أفعاله وشرعه، وهذا قد أخذ من قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "إن الله رفيق يحب أهل الرفق، وإن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف" (٢) .


(١) الأنعام (١١٥) .
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه (٤/٢٠٠٣، ٢٠٠٤) كتاب البر والصلة باب فضل الرفق من حديث عائشة رضي الله عنها بنحوه.