للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن تمام عزته وقدرته وشمولهما أنه كما أنه هو الخالق للعباد فهو خالق أعمالهم وطاعتهم ومعاصيهم، وهي أيضاً أفعالهم، فهي تضاف إلى الله خلقاً وتقديراً وتضاف إليهم فعلاً ومباشرة على الحقيقة ولا منافاة بين الأمرين، فإن الله خالق قدرتهم وإرادتهم، وخالق السبب التام خالق للمسبب قال تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} (١) .

ومن آثار قدرته ما ذكره في كتابه من نصرة أولياءه على قلة عددهم وعُددهم على أعدائهم الذين فاقوهم بكثرة العدد، والعُدة، قال تعالى: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ} (٢) .

ومن آثار قدرته ورحمته ما يحدثه لأهل النار، وأهل الجنة من أنواع العقاب، وأصناف النعيم المستمر الكثير المتتابع الذي لا ينقطع، ولا يتناهى ".

٥٥- العظيم: (العظيم - الكبير)

قال رحمه الله: "العظيم الجامع فجميع صفات العظمة والكبرياء والمجد والبهاء الذي تحبه القلوب، وتعظمه الأرواح، ويعرف العارفون أن عظمة كل شيء، وإن جلت في الصفة، فإنها مضمحلة في جانب عظمة العلي العظيم.

والله تعالى عظيم له كل وصف ومعنى يوجب التعظيم فلا يقدر مخلق أن يثني عليه كما ينبغي له ولا يحصى ثناء عليه، بل هو كما أثنى على نفسه وفوق ما يتثنى عليه عباده.

واعلم أن معاني التعظيم الثابتة لله وحده نوعان:

أحدهما: أنه موصوف بكل صفة كمال، وله من ذلك الكمال أكمله، وأعظمه وأوسعه، فله العلم المحيط، والقدرة النافذة، والكبرياء، والعظمة، ومن عظمته أن السماوات والأرض في كف الرحمن أصغر من الخردلة كما قال ذلك ابن عباس وغيره وقال تعالى {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} (٣) .


(١) الصافات (٩٦) .
(٢) البقرة (٢٤٩) .
(٣) الزمر (٦٧) .