للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هو عبد السلام بن داود بن عثمان بن القاضي شهاب الدين عبد السلام بن عباس العز السلطي الأصل، المقدسيّ الشافعيّ، ويعرف بالعز القدسيّ، ولدَ في سنة إحدى أو اثنتين وسبعين وسبعمائة بكفر الماء، وهي قرية بالشام، ونشأ بها فقرأ القرآن، وفهمه عم والده بعض المسائل، ثم انتقل به قريبه البدر محمود العجلوني، أحد شيوخ البرهان الحلبي، في حدود سنة سبع وثمانين إلى القدس، فحفظ به في أسرع وقت عدة كتب في فنون شتى، بحيث كان يقضي العجب من قوة حافظته، وعلو همته ويقظته ونباهته، وبحث على البدر المذكور في الفقه إلى أن أذن له في الإفتاء والتدريس سريعاً، ثم ارتحل به إلى القاهرة في السنة التي تليها، فحضر بها دروس بعض العلماء، وسافر صحبةَ البدر إلى دمياط والاسكندرية وغيرهما من البلاد التي بينهما كسنباط، واجتمعا بقاضيها، ثم رجعا إلى القاهرة، ثم إلى القدس، وسمع بغزة على قاضيها، ثم عادا لبلادهما، ودخل صحبة البدر مدينة السلط والكرك وعجلون وحسبان، وجال في تلك البلاد، فلما مات البدر، ارتحل إلى دمشق، وذلك في حدود سنة سبع وتسعين، وجدَّ في الاشتغال بالحديث والفقه وأصله والعربية، وغيرها من علوم النقل والعقل على مشايخها، وسمع بها الحديث من جماعة كثيرين، وحج في سنة ثمانمائة، فسمع بالمدينة النبوية على بعض علمائها، وبمكة ثم رجع إلى دمشق، فسمع بها الكثير وأكثر من السماع والشيوخ، ثم انتقل في سنة ثلاث وثمانمائة إلى الديار المصرية، فقطن القاهرة ولازم علماء الفقه والحديث، ناب في القضاء سنة أربع ثم أعرض عن ذلك لكون والده عتبه عليه لتعطّله به عن الاشتغَال، ثم عاد إلى النيابة في سنة تسع، واستمر حتى صار من أجلاَّء النوَّاب، وصحب كاتب السر، وصار يزاحم الأكابر في المحافل، ويناطح الفحول الأماثل، بقوة بحثه وشهامته وغزارة علمه وفصاحتِه، واستمر في تدريس الحديث بالجمالية، وناب في الخطابة بالمؤيدية أول ما فتحت، واستقر به الزين عبد الباسط