للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لكن يمكن أن يجاب عن ذلك من وجهين:

الأول: أن التخفيف لعارض من سفر أو بكاء صبي أو غير ذلك.

قال ابن القيم رحمه الله: "وأما تخفيف النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة عند بكاء الصبي فلا يعارض ما ثبت عنه من صفة صلاته بل قد قال في الحديث نفسه "إني لأدخل في الصلاة وأنا أريد أن أطيلها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز" (١) فهذا تخفيف لعارض وهو من السنة كما يخفف في صلاة السفر وصلاة الخوف.

وكل ما ثبت عنه من التخفيف فهو لعارض كما ثبت عنه أنه قرأ في السفر في العشاء بـ {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} (٢) وكذلك قراءته في الصبح بالمعوذتين فإنه كان في السفر ولذلك رفع الله الجناح عن الأمة في قصر الصلاة في السفر والخوف.

والقصر قصران: قصر أركان وقصر عدد فإن اجتمع السفر والخوف اجتمع القصران وإن انفرد السفر وحده شرع قصر العدد وإن انفرد الخوف وحده شرع قصر الأركان وبهذا يعلم سر تقييد القصر المطلق في القرآن بالخوف والسفر فإن القصر المطلق الذي يتناول القصريين إنما يشرع عند الخوف والسفر فإن انفرد أحدهما بقى مطلق القصر إما في العدد وإما في القدر".أ. هـ

وقال ابن رجب: "وقد حكى ابن عبد البر الإجماع على تقصير القراءة في السفر وقال أصحابنا: لا يكره تخفيف القراءة في الصبح وغيرها في السفر دون الحضر".

وقال إبراهيم النخعي: "كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأون في السفر بالسور القصار.

خرجه ابن أبي شيبة". أ. هـ

ومما يؤيد هذا الوجه وأن هذا ليس منه صلى الله عليه وسلم دائما ما في حديث الرجل من جهينة من قراء النبي صلى الله عليه وسلم بالزلزلة في الركعتين كلتيهما.


(١) انظر: حديث رقم (٣٩) .
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه (١/٢٦٦رقم٧٣٣) كتاب صفة الصلاة، باب الجهر في العشاء. ومسلم في صحيحه (١/٣٣٩ رقم ٤٦٤) كتاب الصلاة، باب القراءة في العشاء.