للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبَاتَ وبَاتَتْ لَهُ لَيْلَةٌ

كَلَيْلةِ ذِيْ العَائِر الأرْمَدِ

وَذَلِكَ مِنْ نَبإٍ جاءَنِيْ

وخُبِّرْتُه عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ

التفت في (جاءني) (١) من الغيبة إلى التكلم، وكان الظاهر أن يقول: جاءه. وقال صاحب المفتاح: "فالتفت - يعني امرأ القيس - في الأبيات [الثلاثة] " أراد أنه التفت في كل بيت. وكلام صاحب الكشاف في هذا المعنى أظهر؛ حيث قال: "التفت [امرؤ] القيس ثلاث التفاتات في [ثلاثة] أبيات" فإنه نصّ في الثلاث وظاهر في التوزيع؛ أمّا في الأول: فمن التكلم إلى الخطاب؛ إذا القياس: (تطاول ليلى) .

وأمّا في الثاني: فمن الخطاب إلى الغيبة؛ حيث قال: (وبات) والقياس: (وبتَّ) على الخطاب.

وأمّا في الثالث: فقد مرّ بيانه.

وهذا القول من صاحب الكشاف صريح في أنَّ سَبْقَ طريق آخر تحقيقاً ليس بشرطٍ في الالتفات. فالمخالفة للجهمور في هذا الخصوص ليست من خصائص صاحب المفتاح، بل هو مقلّد فيها لصاحب الكشّاف، فحقُّ ذلك المذهب أن يُنسب إليه لا إلى صاحب المفتاح؛ لأن القول حقُّه أن ينسب إلى من سبق به.

لا يقال: إن في لفظ (ذلك) التفاتاً من الغيبة إلى الخطاب؛ فيكون في تلك الأبيات ثلاثة التفاتات على مذهب الجمهور أيضاً، فلا ضرورة إلى حمل قول صاحب الكشاف على خلاف ما عليه الجمهور، لأنّا نقول: الالتفات فيما ذكر غير متعين، إذ يجوز أن يكون الكاف خطاباً لغيره لا لنفسه؛ على أن قول صاحب الكشاف على ما نبهت فيما تقدم - صريحٌ في توزيع الالتفاتات على الأبيات الثلاثة، وعلى ما ذكر لا يصح ذلك.


(١) في (م) : جاء.