للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالحمد شأنُه عظيمٌ، وثوابُه جزيلٌ، ويترتّب عليه من الأجر والثواب ما لا يعلمه إلاّ الله، وأهله هم الحَرِيُّون يوم القيامة بأعلى المقامات وأرفع الرُّتب وأعلى المنازل، فإنّ الله عز وجل يحبُّ المحامدَ، ويحبُّ من عبده أن يُثنيَ عليه، ويرضى عن عبده أن يأكلَ الأكْلةَ فيحمده عليها، ويشربَ الشربَةَ فيحمده عليها، وهو - تبارك وتعالى - المانُّ عليهم بالنعمة والمتفضِّل عليهم بالحمد، فهو يبذل نعمه لعباده، ويطلبُ منهم الثناءَ بها وذكرها والحمد عليها، ويرضى منهم بذلك شكراً عليها، وإن كان ذلك كلُّه من فضله عليهم، وهو غير محتاج إلى شكرهم، لكنه يحبُّ ذلك من عباده حيث كان صلاحُ العبد وفلاحُه وكمالُه فيه، فلله الحمد على نعمائه، وله الشكر على وافر فضله وجزيل عطائه حمداً كثيراً طيّباً مباركاً كما يحبُّ ربُّنا ويرضى.

المطلب الثاني: المواطن التي يتأكّد فيها الحمد

لقد مرّ معنا بيانُ فضل الحمد وعظيم ثوابه من خلال النصوص الواردة في ذلك في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهي تدل على أنّ الحمد من أفضل الطاعات وأجلِّ القُربات التي يتقرّب بها العبدُ إلى الله - تعالى -.

والحمدُ مطلوبٌ من المسلم في كلِّ وقت وحين؛ إذ إنَّ العبد في كلِّ أوقاته متقلِّبٌ في نعمة الله، وهو - سبحانه - خالقُ الخلق ورازقهم، وأسبغ عليهم نعمَه ظاهرة وباطنة، دينية ودنيوية، ودفع عنهم النِّقم والمكاره، فليس بالعبادٍ من نعمة إلاّ وهو مولّيها، ولا يدفع الشرَّ عنهم سواه، فهو سبحانه يستحقّ منهم الحمد والثناء في كلِّ وقتٍ وحين، كما أنّه سبحانه يستحقُّ الحمدَ لكمال صفاته، ولِما له من الأسماء الحسنى والنعوت العظيمة التي لا تنبغي إلاّ له، فكلُّ اسم من أسمائه، وكلُّ صفةٍ من صفاته يستحقُّ عليها أكملَ الحمد والثناءِ، فكيف بجميع أسمائه الحسنى وصفاته العظيمة.