وبهذا يُعلم أنَّ من كان له نصيب من معرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العليا الواردة في كتابه وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم عَلِمَ تَمام العلم أنَّ اللهَ لا يكون له من ذلك إلاَّ ما يوجب الحمد والثناء، فالحمد موجب أسمائه الحسنى وصفاته العليا وأفعاله الحميدة، ولا يُخْبَرُ عنه - سبحانه - إلاَّ بالحمد، ولا يُثنى عليه إلاَّ بأحسن الثناء، كما لا يسمّى إلاَّ بأحسن الأسماء، فكلُّ صفة عليَا واسم حسن وثناء جميل، وكلُّ حمدٍ ومدحٍ وتسبيحٍ وتنزيهٍ وتقديسٍ وإجلالٍ وإكرامٍ فهو لله عز وجل على أكمل الوجوه وأتمِّها وأدومِها. فسبحان الله وبحمده لا يحصي أحد من خلقه ثناء عليه بل هو كما أثنى على نفسه وفوق ما يثني به عليه خلقه. فله الحمد أولاً وآخراً حمداً كثيراً طيِّباً مباركاً فيه كما يُحبُّ ربُّنا الكريمُ ويرضى.
وبهذا - أيضاً - يتبيَّن أنَّ حمد الله نوعان: حمدٌ على إحسانه إلى عباده وهو من الشكر، وحمدٌ لما يستحقُّه هو بنفسه من صفات كماله ونعوت جلاله سبحانه، وقد كان أكثر الحديث فيما سبق عن حمد الله على أسمائه الحسنى وصفاته العظيمة، وأنَّ عِلم العبد بها علماً صحيحاً هو من أعظم موجبات قيامه بحمد الله على أحسن وجه وأتمِّ حالٍ.