للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم هو - سبحانه - لم يخلق عبادَه لحاجة منه إليهم، ولا ليتكثَّر بهم من قلّةٍ، ولا ليتعزَّز بهم من ذِلَّة، بل كما قال - سبحانه -: {وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِن رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ إِنَّ اللهَ هُوَ الرَزَّاقُ ذُو القُوَّةِ المَتِينِ} ، وقال - سبحانه - عقِب أمره لعباده بالصدقة ونهيهم عن إخراج الرديء من المال: {وَلاَ تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَنَيٌّ حَمِيدٌ} ، فهو - سبحانه - غنيٌّ عما ينفقون أن ينالَه منه شيء، حميد مستحقٌّ المحامد كلّها، فإنفاق العباد لا يسدُّ منه حاجة ولا يوجب له حمداً، بل هو الغنيُّ بنفسه، الحميد بنفسه وأسمائه وصفاته، وإنفاقُ العباد نفعه عائدٌ لهم وإحسانهم عائدٌ إليهم، كما قال - سبحانه -: {إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} (١) وقال: {وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ} (٢) وقال: {مَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا} (٣) .

هذا ومن أراد مطالعة أصول النِّعم وما توجبه من حمد الله وذكرِه وشكره وحسن عبادتِه فَليُدِمْ سرح الذِّكر في رياض القرآن الكريم، وليتأمّل ما عدّد الله فيه من نعمه وتعرّف بها إلى عباده من أول القرآن إلى آخره {فَلِلَّهِ الحَمْدُ رَبِّ السَّمَوَاتِ وَرَبِّ الأَرْضِ رَبِّ العَالَمِينَ وَلَهُ الكِبْرِيَآءُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ} .


(١) سورة: البقرة، الآية: (٢٦٧) .
(٢) سورة: الإسراء، الآية: (٧) .
(٣) سورة: الروم، الآية: (٤٤) .