للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعلوم أن التأصيل لمسائل الدين جميعها في منهج أهل السنة ينطلق من نصوص الكتاب والسنة، وفهم السلف الصالح، ومن هذا المنطلق أحببت بحث المسألة، وتأصيلها وفق هذا المنهج مع جمع شتات أقوال العلماء وبيان الراجح منها.

ويمكن حصر الكلام في مسألة رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه في ثلاثة جوانب:

١- رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه ليلة المعراج.

٢- إثبات رؤية النبي صلى الله عليه وسلم. لربه في المنام.

٣- مسألة رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه في الدنيا. عيانا.

فمسألة رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه عز وجل ليلة المعراج من المسائل التي وقع الكلام فيها مبكرا في عهد الصحابة.

وقبل البدء في إيضاح هذه المسائل لابد من الإشارة إلى أن الأمة أجمعت على أن الله عز وجل لا يراه أحد في الدنيا بعينه.

وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور في التحذير من فتنة المسيح الدجال أنه قال: "تعلَّموا أنه لن يرى أحد منكم ربه عز وجل حتى يموت" وفي لفظ الترمذي "تعلمون" (١) .

والخلاف إنما وقع في حصول الرؤية للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة ليلة المعراج، وأكثر علماء أهل السنة يثبتون ذلك، وفي هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأكثر علماء أهل السنة يقولون: إن محمدًا صلى الله عليه وسلم رأى ربه ليلة المعراج".

على الرغم من أن الخلاف في هذه المسألة لا يعد من الأمور التي توجب الخروج عن عقيدة السلف، والأمر كما قال عنه الإمام الذهبي: "ولا نعنف من أثبت الرؤية لنبينا في الدنيا، ولا من نفاها، بل نقول الله ورسوله أعلم، بل نعنف ونبدع من أنكر الرؤية في الآخرة، إذ رؤية الله في الآخرة ثبتت بنصوص متوافرة ... ".


(١) أخرجه مسلم في صحيحه ١٨/٢٦١ كتاب الفتن باب ذكر ابن صياد رقم ٧٢٨٣.
والترمذي في سننه ٤/٤٤٠-٤٤١، كتاب الفتن -باب ما جاء في علامة الدجال- حديث رقم ٢٢٣٥.
والإمام أحمد في المسند ٥/٤٣٣.