هذه المسألة هي التي وقع الكلام فيها مبكرًا بين الصحابة، ومن أهل العلم من يرى أنه لا خلاف بين أقوالهم في المسألة وأنها متوافقة، وإنما مرجع الخلاف إلى فهم بعض المتأخرين لأقوالهم وطريقة توجيهها، وبعضهم الآخر يرى أن هناك خلافاً بين الصحابة في المسألة، وأن أقوالهم متباينة فيها، وبنى على هذا الفهم أمورًا وأحكامًا، ومن أجل ذلك أحببت أن أعرض أقوال الصحابة بشكل مستقل، ومن ثم أعرض لأقوال التابعين وتابعيهم، وبعد ذلك أعرض أقوال العلماء وما وجّه به كل فريق قوله في المسألة، فهذا المنهج هو الأسلم لكي يفهم القارئ أقوال السلف مستقلة عن طريقة توجيه كل طائفة لها، ومن ثم سيسهل بعد تصورها مستقلة معرفة توجيه كل صاحب قول لتلك الآثار، ومستنده في فهمه لها، وأي الأقوال أولى بالصواب.
المطلب الأول: أقوال الصحابة في هذه المسألة
القول الأول: من أثبت الرؤية مطلقا:
١ - قول ابن عباس رضي الله عنهما:
أ - عن عكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال:"أتعجبون أن تكون الخلة لإبراهيم والكلام لموسى، والرؤية لمحمد صلى الله عليه وسلم".
ب - عن ابن عباس في قوله {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى}(١) .قال:"رأى ربه فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى".
ج - عن عكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال:"رأى محمدٌ ربَّه". قلت: أليس الله يقول {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ}[الأنعام ١٠٣] ، قال: ويحك ذاك إذا تجلى بنوره الذي هو نوره، وقال: أُرِيَه مرتين".