قال القاضي أبو الفضل: الحق الذي لاامتراء فيه أن رؤيته تعالى في الدنيا جائزة عقلاً، وليس في العقل ما يحيلها".
وقال أيضا: "وأما وجوبه لنبينا صلى الله عليه وسلم والقول بأنه رآه بعينه، فليس فيه قاطع أيضا، ولا نص، إذ المعول فيه على آية النجم والتنازع فيهما مأثور والاحتمال لهما ممكن ولا أثر قاطع متواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.
وحديث ابن عباس خبر عن اعتقاده لم يسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيجب العلم باعتقاد مضمنه.
ومثله حديث أبي ذر في تفسير الآية، وحديث معاذ محتمل للتأويل، وهو مضطرب الإسناد والمتن.
وحديث أبي ذر الآخر محتمل مشكل فروي:"نور أنى أراه" وحكى بعض شيوخنا أنه روي: "نَورَاني أراه".
وفي حديثه الآخر: سألته فقال: "رأيت نورا" وليس ممكن الاحتجاج بواحد منها على صحة الرؤية فإن كان الصحيح رأيت نورا فهو قد أخبر أنه لم ير الله، وإنما رأى نورا منعه وحجبه عن رؤية الله.
وإلى هذا يرجع قوله:"نور أنى أراه" أي كيف أراه مع حجاب النور المغشي للبصر، وهذا مثل ما في الحديث الآخر:"حجابه النور" وفي الحديث الآخر: "لم أره بعيني ولكن رأيته بقلبي مرتين" وتلا {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} والله قادر على خلق الإدراك الذي في البصر في القلب، أو كيف شاء لا إله غيره.
فإن ورد حديث نص بين في الباب وجب المصير إليه، إذ لا استحالة فيه، ولا مانع قطعي يرده والله الموفق".
قول أبي العباس أحمد بن عمر القرطبي (٦٥٦هـ)
قال رحمه الله: "وذهبت طائفة من المشايخ إلى الوقف، وقالوا: ليس عليه قاطع نفيًا ولا إثباتًا، ولكنه جائز عقلاً وهذا هو الصحيح".