للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن خزيمة حيث قال: "وقال أبو ذر وابن عباس - رضي الله عنهما - قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه، وقد أعلمت في مواضع في كتبنا أن النفي لا يوجب علما، والإثبات هو الذي يوجب العلم".

وقال القاضي أبو يعلى: "وما رويناه عن ابن عباس أولى مما روي عن عائشة ... لأنه مثبت والمثبت مقدم على النافي".

وقال البيجوري في شرحه على جوهرة التوحيد: "وقد نفت السيدة عائشة - رضي الله عنها - وقوعها له صلى الله عليه وسلم لكن قدم عليها ابن عباس؛ لأنه مثبت والقاعدة: أن المثبت مقدم على النافي".

قال الصاوي في حاشيته على تفسير الجلالين: " ... واختلف في تلك الرؤية، فقيل رآه بعينه حقيقة، وهو قول جمهور الصحابة والتابعين منهم ابن عباس، وأنس بن مالك، والحسن، وغيرهم ... وقيل: لم يره بعينه، وهو قول عائشة رضي الله عنها، والصحيح الأول، لأن المثبت مقدم على النافي".

الوقفة الخامسة: الجمع مقدم في حال التعارض.

في حال وجود الخلاف فإن الجمع أولى من الترجيح في حال التعارض إذا كان ممكنًا، وهذا ما دعى بعض العلماء إلى حمل نفي عائشة على الرؤية البصرية، وإثبات ابن عباس على الرؤية القلبية، وبهذا يزول التعارض بين القولين. وممن أخذ بهذا الجمع شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم، وابن أبي العز، وابن كثير، وابن حجر، والسفاريني، والشنقيطي وغيرهم، وقد تقدم ذكر أقوالهم.

الوقفة السادسة: المقصود بالرؤية القلبية.

وضح القائلون بالرؤية القلبية المقصود بذلك، ومن أقوالهم في معنى الرؤية القلبية:

ما قاله القرطبي - صاحب التفسير - في تفسير قوله تعالى {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} : "أي: لم يكذب قلب محمد صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج، وذلك أن - الله تعالى - جعل بصره في فؤاده حتى رأى - ربه تعالى - وجعل الله تلك رؤية".