قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"وقد صح عنه أنه قال: "رأيت ربي تبارك وتعالى" ولكن لم يكن هذا في الإسراء، ولكن كان في المدينة لما احتبس عنهم في صلاة الصبح، ثم أخبرهم عن رؤية ربه - تبارك وتعالى - تلك الليلة في منامه، وعلى هذا بنى الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - وقال: نعم رآه حقا، فإن رؤيا الأنبياء حق ولابد".
وقال أيضًا:"وكذلك الحديث الذي رواه أهل العلم أنه قال: "رأيت ربي في صورة كذا وكذا"، يروى من طريق ابن عباس، ومن طريق أم الطفيل، وغيرهما وفيه "أنه وضع يده بين كتفيَّ حتى وجدت برد أنامله على صدري"، هذا الحديث لم يكن ليلة المعراج، فإن هذا الحديث كان بالمدينة. وفي الحديث: أن النبي نام عن صلاة الصبح، ثم خرج إليهم، وقال: "رأيت كذا وكذا"وهو من رواية من لم يصل خلفه إلا بالمدينة كأم الطفيل وغيرها، والمعراج إنما كان من مكة باتفاق أهل العلم، وبنص القرآن والسنة المتواترة، كما قال الله تعالى {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى}[الإسراء ١] .
فعلم أن هذا الحديث كان رؤيا منام بالمدينة، كما جاء مفسرًا في كثير من طرقه أنه كان رؤيا منام، مع أن رؤيا الأنبياء وحي، لم يكن رؤيا يقظة ليلة المعراج".
المطلب الثالث: أقوال أهل العلم في الرؤية المنامية عمومًا
ذكر غير واحد من أهل العلم أن رؤية الله في المنام جائزة، وهذه الرؤية شأنها شأن سائر الرؤى المنامية تعبر، فإن النائم لا يرى الله حقيقة، فرؤيا المنام لها حكم غير رؤيا الحقيقة في اليقظة، ولها تعبير، وتأويل؛ لما فيها من الأمثال المضروبة للحقائق، وإليك بعض أقوال العلماء في هذه المسألة.
قال الإمام الدارمي:"وفي المنام يمكن رؤية الله على كل حال، وفي كل صورة".