للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهؤلاء هم الجهمية والمعتزلة المعطلة الذين ليس عندهم فوق العرش إلا العدم المحض.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وحكوا عن طائفة من المعتزلة وغيرهم إنكار رؤية الله، والنقل بذلك متواتر عمن رأى ربه في المنام، ولكن لعلهم قالوا: لا يجوز أن يعتقد أنه رأى ربه في المنام فيكونون قد جعلوا هذا من أضغاث الأحلام، ويكونون من فرط سلبهم ونفيهم نفوا أن تكون رؤية الله في المنام رؤية صحيحة كسائر ما يرى في المنام، فهذا مما يقوله المتجهمة، وهو باطل مخالف لما اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها، بل ولما اتفق عليه عامة عقلاء بني آدم".

وقال أيضًا: "وإنما يكذب بها أو يحرفها - أي: أحاديث الرؤية في الآخرة - الجهمية، ومن تبعهم من المعتزلة والرافضة ونحوهم، من الذين يكذبون بصفات الله تعالى، وبرؤيته وغير ذلك، وهم المعطلة شرار الخلق والخليقة.

ودين الله وسط بين تكذيب هؤلاء بما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم في الآخرة، وبين تصديق الغالية، بأنه يرى بالعيون في الدنيا، وكلاهما باطل".

الطائفة الثانية: من يثبت الرؤية بإطلاق فيزعم أن الله يرى في الدنيا عياناً، كما يرى في الآخرة عياناً. وهذا يقول به بعض المتصوفة من الاتحادية والحلولية.

فأما الاتحادية أهل وحدة الوجود فهم الذين لا يميزون الخالق بصفات تميزه عن المخلوق، ويقولون بأن وجود الخالق هو وجود المخلوق. فعلى سبيل المثال هم يقولون بأن الله هو المتكلم بكل ما يوجد من الكلام، وفي ذلك يقول ابن عربي:

ألا كل قول في الوجود كلامه

سواء علينا نثره ونظامه

يعم به أسماع كل مكون

فمنه إليه بدؤه وختامه