والحدر: أن يقرأ بغير تفكر في المعاني ولا يمضغ، ولا يزيد ولا ينقص، وليكن صوته على وتيرة واحدة، ويجتهد في مخارج الحروف وذلك بعد أن يعرف مخارجها على اختلاف أقاويل العرب، ويعلم مجهورها من مهموسها وزائدها من أصليها، ومبدلها مما لا يثبت فيه البدل، ومطبقها من المنخفض منها، ونطعيها من لثويها، وذلقيها من أسليها، وحلقيها من حنكيها، وأشباه ذلك مما فيه طول فمن لم يعلم مثل هذا ولم يفهمه لم يجز له أن يقرئ أحداً من الناس ولا يأخذ على أحد حرفا، ويحرم عليه ذلك في هذه الصناعة. [٩٠]
وقال الشهرزوري [٩١] في المصباح الزاهر: إن من لم يعط الحرف حقه من الصفات اللازمة والعارضة، ويخرجه من مخرجه المحدد له فقد صرفه عن مبناه وحاد به عن معناه.
قال: اعلم أن التجويد حلية التلاوة وزينة الأداء والقراءة، وهو إعطاء الحروف حقوقها، وترتيبها مراتبها، ورد الحرف من حروف المعجم إلى مخرجه وأصله، وإلحاقه بنظيره وشكله، وإشباع لفظه ولفظ النطق به؛ لأنه متى ما تغير عما ذكرته لك من وصفه زال عن وضعه ورصفه. [٩٢]
ويقول الشيرازي إن حسن الأداء فرض واجب على من رام قراءة شيء من كتاب الله سواء رتل، أو حقق أو حدر.
قال: وأما الحدر فهو تسهيل القراءة وهو يراد للتحفظ والاستكثار من الدرس، وهو أيضا يرتضى إذا لم يفارق التجويد وذلك بأن تعطى الحروف حقوقها من مخارجها ومسالكها ويوفر عليها حظوظها من حركاتها وسكناتها من غير زيادة مجاوزة للحد، ولا نقصان مؤد للقدح، فإن حسن الأداء فرض في القراءة، ويجب على القارئ أن يتلو القرآن حق تلاوته صيانة للقرآن من أن يجد التغيير واللحن إليه سبيلا. [٩٣]
ويوضح ابن أم قاسم المرادي [٩٤] أن الأخذ بالتجويد هو منهج القراء جميعا لا خلاف بينهم في ذلك، والقارئ مطالب به في كل الأحوال.