للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال القاسمي في تفسيره:"لا ذكر تعالى أنه يعدد نعمه على عيسى بحضرة الرسل واحدة فواحدة إشعاراً بعبوديته، فإن كل واحد من تلك النعم المعدودة عليه، تدل على أنه عبد وليس بإله ثم أتبع ذلك باستفهامه لينطق بإقراره – عليه السلام – على رؤوس الأشهاد بالعبودية، وأمره لهم بعبادة الله عز وجل إكذابا لهم في افترائهم عليه، وتثبيتا للحجة على قومه، فهذا سر سؤاله تعالى له، مع علمه بأنه لم يقل ذلك، وكل ذلك لتنبيه النصارى الذين كانوا في وقت نزول الآية ومن تأثر بهم على قبح مقالتهم وركاكة مذهبهم واعتقادهم" ٠

ومثل ذلك ما جاء في قوله تعالى: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً} إلى قوله: {إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} (١)

قال ابن كثير في تفسيره:"ومما أمر عيسى به قومه وهو في مهده: أن أخبرهم إذ ذاك أن الله ربهم وربه وأمرهم بعبادته فقال: {فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} أي: هذا الذي جئتكم به عن الله صراط مستقيم، أي: قويم٠ من اتبعه رشد وهدى، ومن خالفه ضل وغوى" ٠

وعن عبادة بن الصامت – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد لله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه والجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل" (٢)

٢- الآيات الدالة على عبودية النبي صلى الله عليه وسلم


(١) مريم الآيات من ٣٠ – ٣٦.
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الأنبياء باب ٤٧ جـ٦ /٤٧٤، ومسلم كتاب الإيمان جـ١ /٥٨،٥٩، وأحمد في مسنده جـ٥ /٣١٣،٣١٤.