للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

.. قال البغوي:"قيل: إنما منع من أن يقول: ربى أو اسق ربك، لأن الإنسان مربوب متعبد بإخلاص التوحيد، فكره له المضاهاة بالاسم، لئلا يدخل في معنى الشرك، والعبد والحُر، فيه بمنزلة واحدة، فأما ما لا تعبُّد عليه من سائر الحيوان والجماد فلا يمنع منه، كقولك: رب الدار، ورب الدابة والثوب، ولم يمنع العبد أن يقول: سيدي ومولاي، لأن مرجع السيادة إلى معنى الرياسة على من تحت يده، والسياسة له وحسن التدبير لأمره، ولذلك سمى الزوج سيدا٠ قال الله سبحانه وتعالى: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} (١) .....، ومنع السيد من أن يقول: عبدي، لأن هذا الاسم من باب المضاف ومقتضاه العبودية له، وصاحبه عَبْدُ لله، مُتَّعَبَّدُ بأمره ونهيه، فإدخاله مملوكه تحت هذا الاسم يوهم التشريك ... " ٠

... وقال النووي في شرحه للحديث:"يكره للسيد أن يقول لمملوكه عبدي وأمتي، بل يقول "غلامي وجاريتي وفتاي وفتاتي، لأن حقيقة العبودية إنما يستحقها الله تعالى، ولأن فيها تعظيما بما لا يليق بالمخلوق استعماله لنفسه، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم العلة في ذلك فقال:"كلكم عبيد الله، فنهى عن التطاول في اللفظ" ٠

... وقال ابن القيم:"إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى الرجل أن يقول لغلامه وجاريته: عبدي وأمتي، ولكن يقول: فتاي وفتاتي، ونهى أن يقول لغلامه: وضئ ربك، أطعم ربك سدا لذريعة الشرك في اللفظ والمعنى، وإن كان الرب ههنا هو المالك كرب الدار، ورب الإبل، فعدل عن لفظ العبد والأمة إلى لفظ الفتى والفتاة، ومنع من إطلاق لفظ الرب على السيد حماية لجانب التوحيد وسدا لذريعة الشرك" ٠


(١) يوسف / آية: ٢٥.