للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

.. قال القرطبي: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ} أي قبلك يا محمد {إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ} ، أي بلغتهم، ليبينوا لهم أمر دينهم ...، ولا حجة للعجم وغيرهم في هذه الآية، لأن كل من ترجم له ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ترجمة يفهمها لزمته الحجة، وقد قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً} (١)

... وقال ابن تميمة:"وأما كون القرآن أنزل باللسان العربي وحده فعنه أجوبة: أحدهما: أن يقال: والتوراه إنما أنزلت باللسان العبري وحده..، وكذلك سائر الكتب لا ينزلها الله إلا بلسان واحد، بلسان الذي أنزلت عليه، ولسان قومه الذين يخاطبهم أولا، وسائر الأنبياء إنما يخاطبون الناس بلسان قومهم الذي يعرفونه أولا، ثم بعد ذلك تبلغ الكتب وكلام الأنبياء لسائر الأمم، إما أن يترجم لمن لا يعرف لسان ذلك الكتاب، وإما بأن يتعلم الناس لسان ذلك الكتاب فيعرفون معانيه" ٠

... وقال ابن كثير:"هذا من لطفه تعالى بخلقه: أنه يرسل إليهم رسلا منهم بلغاتهم ليفهموا عنهم ما يريدون وما أرسلوا به إليهم، كما قال الإمام أحمد: حدثنا وكيع، عن عمر بن ذر قال: قال مجاهد: عن أبى ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لم يبعث الله نبيا إلا بلغة قومه"..، وقد كانت هذه سنة الله في خلقه: أنه ما بعث نبيا في أمة إلا أن يكون بلغتهم، فاختص كل نبى بإبلاغ رسالته إلى أمته دون غيرهم، واختص محمد بن عبد الله رسول الله بعموم الرسالة إلى سائر الناس ... " ٠


(١) الجامع لأحكام القرآن جـ٥ / ٣٥٦٩.