للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال عليّ: فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ.

قال: فَعَرَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الَّذي أتيت له، فقال: " مَا لَكَ؟! ".

فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ قَطُّ. عَدَا حَمْزَةُ عَلَى نَاقَتَيَّ فَأَجتبَّ أَسْنِمَتَهُمَا، وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا، وَهَا هُوَ ذَا فِي بَيْتٍ مَعَهُ شَرْبٌ.

فَدَعَا رسول الله صلى الله عليه وسلم بِرِدَائِهِ، ثُمَّ انْطَلَقَ يَمْشِي، فَاتَّبَعْتُ أثره أَنَا وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، حَتَّى جَاءَ الْبَيْتَ الَّذِي هو فِيهِ، فَاسْتَأْذَنَ، فأُذن له، فَإِذَا هُمْ شَرْبٌ.

فَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَلُومُ حَمْزَةَ فِيمَا فَعَلَ. فَإِذَا حَمْزَةُ ثَمِل مُحْمَرَّةٌ عَيْنَاهُ.

فَنَظَرَ حَمْزَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ، فَنَظَرَ إِلَى رُكْبَتِيه، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ: وهَلْ أَنْتُمْ إِلاَّ عَبِيدُ أبي؟!!

فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَدْ ثَمِلَ، فَنَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ الْقَهْقَرَى، فخرج، وَخَرَجْنَا. وذلك قبل تحريم الخمر (١) .

(القهقرى) المشي إلى الخلف.

قال ابن حجر:

وكأنّه فعل ذلك خشية أن يزداد عبث حمزة في حال سكره، فينتقل من القول إلى الفعل، فأراد أن يكون ما يقع من حمزة بمرأى منه ليدفعه إن وقع منه شيء (٢) .

وقال الخطابي:

إنّ هذا إنما كان من حمزة قبل تحريم الخمر.


(١) أخرجه البخاري في فرض الخمس، باب فرض الخمس. ومسلم في الأشربة، باب تحريم الخمر.
(٢) فتح الباري (٦/٢٠١) .