للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن صحّ ما نقله الصّفديّ فهو حجّة قويّة لأنّ الاسم مأخوذ من كتاب مؤلّفه، وهو "الاعتقاب"ولكن يصعب الجزم بشيء؛ لأنّ هذا النّصّ ليس في "معجم الأدباء"لياقوت في طبعتيه، وفيهما عناية فائقة بإخراج النّصّ وتصحيحه ومقابلته على أصوله، وقد ورد اسمه فيهما بما يوافق ما في طبعة التّهذيب؛ أي بقوله: "أبو تراب صاحب كتاب الاعتقاب".

ولعلّ ذلك النّصّ ممّا ضاع من كتاب "معجم الأدباء"وهو غير قليل.

ومهما يكن من أمر فلا تنافيَ بين الاسمين إلا في الأوّل منهما؛ أي "محمّد"و "إسحاق"وقد يكون ذلك من تحريف النّسّاخ أو من تغييراتهم الّتي أشرتُ إلى بعضها، وقد يكون لهذا الرّجل اسمان: محمّد وإسحاق، وليس لدينا ما يُقْطَعُ به، وإنمّا هي احتمالات.

أما اسم جَدِّة وهو "الوليد"فتركُ ذكرِهِ في الاسم الأوّل لا ينفيه في الاسم الثّاني لاقتصار الأوّل على الأب.

أمّا اللّقب وهو "الشّعرانيّ"فهو نسبة إلى "الشَّعْر"المرسل على الرّأس، وقد اشتهر به جماعة من العلماء ذكر السّمعانيّ (١) بعضهم، ولا يمتنع أن يكون أبو تراب منهم.

ويبدو أنّ أبا تراب لم يكن مشهوراً في العراق، وربّما في خراسان - أيضاً - فلم يعرفه كثير من معاصريه في القرن الثّالث ومن جاء بعدهم في القرن الرّابع. ويدلّ على هذا قول ابن فارس (٣٩٥هـ) وهو ينقل عنه في نصّ لغويّ من نصوص التّعاقب: "وذُكِرَ عن رجل يُقال له أبو تراب، ولا نعرفه نحن: بَجَسْتُ الجرح مثل بططته".

ولهذا - أيضاً - ذكره صاحب "الفهرست" فيمن لا تُعرف أسماؤهم وأخبارهم ولعلّ خمول ذكره ممّا يفسّر الغموض والاضطراب الّذي تقدّم في اسمه.

وفي الختام يمكن أن نقول: إن اسمه يحتمل الوجهين معاً، أو أحدهما، وهما:

أبو تراب محمّد بن الفرج بن الوليد الشّعرانيّ، كما في "الوافي".

أو أبو تراب إسحاق بن الفرج، كما يفهم ممّا جاء في "التّهذيب".


(١) ينظر: الأنساب ٧/٣٤٣.