للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعدّ أبو تراب من أهل خراسان، ولكن لا يُعرف على وجه الدّقّة مكان مولده، فقد يكون في إحدى تلك البلاد، وقد يكون في غيرها، وإن كنت أرى أنّ مولده كان في نيسابور وهي المدينة الّتي نشأ بها وأخذ عن علمائها كأبي سعيد الضّرير الّذي استقدمه إليها ابن طاهر (١) ، وأخذ فيها عن الأعراب الرّواة الّذين استقدمهم ابن طاهر - أيضاً.

ثمّ توجّه أبو تراب إلى هراة وهي من المدن الكبيرة الزّاخرة بالعلماء (٢) في خراسان قال الأزهريّ: "ثم رحل إلى هراة فسمع من شمر بعض كتبه".

وقال في موضع آخر: إنّه "كتب عنه شيئاً كثيراً".

وقد كانت هذه الرّحلة قبل منتصف القرن الثّالث، إذ توفيّ شمر سنة (٢٥٥) وقد لازمه أبو تراب سنين قبل وفاته وكتب عنه شيئاً كثيراً - كما قال الأزهريّ.

ويبدو أن أبا تراب استطاب المقام في هراة فبقي فيها زمناً أملى فيه أجزاء من كتابه "الاعتقاب"قبل أن يعود إلى نيسابور، فيكمل إملاء الكتاب هناك. وفي هذا يقول الأزهريّ: "وأملى بهراة من كتاب الاعتقاب أجزاء، ثم عاد إلى نيسابور، وأملى باقي الكتاب".

وتفيد عبارة: "ثمّ عاد إلى نيسابور"أنّ أبا تراب كان فيها قبل قدومه إلى هراة.

ولعله أمضى ما تبقى من حياته هناك في تلك المدينة العامرة.

الفصل الثاني

حياته العلميّة

يعنينا في حياة أبي تراب العلمية ثلاثة عناصر: شيوخه، وتلامذته، مؤلفاته، فيما يلي تفصيل الحديث عن كل منها:

أوّلاً: شيوخه:

شحّت المصادر الّتي ترجمت لأبي تراب فلم تزوّدنا بكثير من التّفاصيل المهمّة في حياته العامّة كما تقدّم، ولم تزوّدنا - أيضاً - بمعلومات تساعد على التّعرف على أكثر شيوخه الّذين أخذ عنهم علومه، ولا سيّما في اللّغة، ومع ذلك أمكن التّعرف على ثلاثة منهم، وهم:

١- أبو سعيد الضّرير اللّغويّ:


(١) التهذيب١/٢٤، وإنباه الرواة ١/٧٦.
(٢) ينظر: معجم الأدباء ٥/٣٩٦.