للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣- تقديس الصليب وحمله: إن تقديس الصليب عند المسيحيين سبق صلب المسيح نفسه، فقد ورد عن المسيح قوله: "إن أراد أحدٌ أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني".

ومعنى حمل الصليب عندهم هو الاستهانة بالحياة والاستعداد للموت في أبشع صورة، أي صلبا على خشبة كما يفعل بالمجرمين والآثمين، وقويت فكرة تقديس الصليب بعد صلب عيسى -على زعمهم- فأصبح أداة تذكر المسيحيين بالتضحية الضخمة التي قام بها المسيح من أجل البشر. (١) وقولهم هذا باطل، قال تعالى: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً} (٢) .

٤- عقيدة الخطيئة الموروثة: وأساس هذا الموضوع عند المسيحيين أن من صفات الله العدل والرحمة، وبمقتضى صفة العدل كان على الله أن يعاقب ذرية آدم بسبب الخطيئة التي ارتكبها أبوهم، وطُرد بها من الجنة، واستحق هو وأبناؤه البعد عن الله بسببها، وبمقتضى صفة الرحمة كان على الله أن يغفر سيئات البشر، ولم يكن هناك من طريق للجمع بين العدل والرحمة إلا بتوسط ابن الله ووحيده وقبوله في أن يظهر في شكل إنسان، وأن يعيش كما يعيش الإنسان، ثم يصلب ظلماً ليكفّر عن خطيئة البشر.


(١) انظر: المسيحية لأحمد شلبي ص ١٧٠ - ١٧١، والنصرانية لأبي زهرة ص ١٢٩-١٣٠.
(٢) سورة النساء، الآيتان (١٥٧- ١٥٨) .