قال الإمام الطبري - رحمه الله -: "ومن أراد الله إضلاله عن سبيل الهدى لشغله بكفره، وصده عن سبيله، يجعل صدره بخذلانه وغلبة الكفر عليه حرجاً، والحرج: أشد الضيق. وهو ههنا الصدر الذي لا تصل إليه الموعظة، ولا يدخله نور الإيمان لرين الشرك عليه".. وقوله:{كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} قال: وهذا مثل ضربه لله لقلب هذا الكافر في شدة ضيقه عن وصول الإيمان إليه يقول: فمثله في امتناعه عن قبول الإيمان وضيقه عن وصوله إليه مثل امتناعه عن الصعود إلى السماء وعجزه عنه.
وقوله:{وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا الآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ} يقول تعالى ذكره: وهذا الذي بينا لك يا محمد في هذه السورة وغيرها من سور القرآن، هو صراط ربك، يقول: طريق ربك ودينه الذي ارتضاه لنفسه ديناً، وجعله مستقيماً لا اعوجاج فيه فاثبت عليه وحرّم ما حرمته عليك، وأحلل ما أحللته لك، فقد بينا الآيات والحجج على حقيقة ذلك وصحته لقوم يذّكرون.. وخصَّ بها الذين يتذكرون؛ لأنهم هم أهل التمييز والفهم، وأولو الحجا والفضل".أ. هـ
وبهذا يتبين لنا حالة القلق الرهيب التي تعيشها المجتمعات التي تسير على غير هدى الله وشرعه، على الرغم من تقدمها المادي، ووصولها إلى أرقى أساليب التقنية الحديثة.
وهذا ما أيده الواقع الملموس في البلاد التي ابتعدت عن شرع الله، فالإنسان إنما يكون في حالة طيبة نفسياً وبدنياً عندما تقوى صلته بالله تعالى، ويلتزم بأوامره ويجتنب نواهيه.