٥- الدعوة إلى القومية أو الوطنية، وهى دعوة تعمل على تجميع الناس تحت جامع وهمي من الجنس، أو اللغة، أو التاريخ، أو المكان، أو المصالح، أو المعيشة المشتركة، أو وحدة الحياة الاقتصادية، على ألا يكون الدين عاملاً من عوامل الاجتماع ولمّ الصف، بل الدين من منظار هذه الدعوة يُعدُّ عاملاً من عوامل التفرق والشقاق.
ولا شك أَنَّ الفكرة القومية أو الوطنية وفدت إلى ديار المسلمين من الغرب، والذي احتضنها وغذاها ودعا إليها عقول غير إسلامية، وأشخاص ليسوا بمسلمين، ولقد كان ظهور الفكرة - سواء أكانت عربية أم طورانيّة - مصدر شر على جميع المسلمين، وزاد الأمر سوءاً عندما امتزجت القومية العربية مؤخراً بالاتجاهات الاشتراكية العربية الثورية.
ولقد أثارت الدعوة إلى القومية طوائف أخرى تعيش في المنطقة، ودفعتها لأن ترفع نفس الراية، ففي السودان دعا سكان الجنوب إلى بعث القومية الزنجية، وفي الشمال الإفريقي ارتفعت أصوات بقومية بربرية؛ كرد فعل للقومية العربية، وفي العراق دعا سكان الشمال إلى بعث القومية الكردية، وفي الهند ظهر مسلمون يفخرون بالانتساب إلى القومية الهندية.
وهكذا كانت الآثار القومية السيئة لا حد لها، وبدل أن تكون طريقا لوحدة عربية شاملة، كما زعم دعاتها، أصبحت من عوامل بث الاضطرابات والتفرق بين الأمة الإسلامية، خاصة عندما عرّج بها دعاتها على الاشتراكية الثورية، وأغرقوا الشعوب بسيل من الشعارات التي لا محتوى لها، ولا مضمون وراءها، كالتغيير الثوري، والحل الثوري، ومجتمع الكفاية والعدل والتقدمية والتحررية وغير ذلك من الشعارات الزائفة.