للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال تعالى: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} (١) وكل الأدلة الشرعية والبراهين العقلية وغيرها، تدل دلالة قاطعة على ذلك.

وفي كل شيء له آيةٌ

تدلُ على أنه واحدُ

ولقد بينا ذلك في غير هذا البحث.

وهذه العقيدة القائمة على الإلحاد ينشأ عنها مجتمع لا يؤمن بالله الواحد الأحد، ولا يؤمن باليوم الآخر، وما فيه من الثواب والعقاب، ولا يؤمن بدين، ولا يعترف بخلق، وإنما ينشأ عنه مجتمع غايته متع الحياة وملذاتها، ولذلك فإن قبول العلمانية في أي مجتمع معناه تبني الإلحاد والمروق من الإسلام وردة صريحة عن دين الله الذي ارتضاه لعباده حتى ولو كانت العلمانية بمعناها المعتدل في مرحلتها الأولى.

٢- إقامة حاجز بين عالمي الروح والمادة، والقيم الروحية لديهم سلبية، وإقامة الحياة على أساس مادي.

والعلمانيون بهذا المبدأ يفرضون على الإنسان قوانين لا تلائم تكوينه الذاتي، القائم على التوازن الدقيق بين المادية والروحية، فإنها تتعرض دائما للتمرد والعصيان، الأمر الذي يدفعها دائماً إلى إعادة النظر في قوانينها ونظمها وتغيير مناهجها، وذلك من أجل تقبل الناس لها ومحاولة للتوازن والتوافق.

والمجتمعات العلمانية عامة تقوم على أساس الإشباع المادي للإنسان، مع إهمالها تماماً للناحية الروحية والنفسية؛ لأنها استبعدت الدين من مجال الحياة، وأقامت حضارة غربية أفقدت الرؤية الواضحة للإنسان، وحولته إلى حيوان يأكل ويشرب، ولا هم له غير ذلك، وأغلب ما يقع اليوم من الجرائم والمآثم، إنما هو بسبب هذا الإشباع المادي، وثمرة الكفر بالله واليوم الآخر، وأثر من آثار التنكر للحق، والاستهانة بالأخلاق.


(١) سورة الروم الآية (٣٠) .