وعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يعارض في ذلك مستدلاً بقول - النبي صلى الله عليه وسلم -: "أمرتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله"(١) .
ويحتج الصديق بما جاء في الحديث:"إلا بحقها" ويقول الزكاة من حق الأموال.
وهكذا نجد أن الصحابة - رضوان الله تعالى عليهم - وفي مقدمتهم الخلفاء الراشدون لم يفصلوا بين دين وسياسة، بل إنهم كانوا يسيرون مع الدين حيث سار.
إن الإسلام هو شريعة الله الخالدة، وقد تناولت الشريعة الإسلامية شؤون الحياة كلها: عقيدة، وعبادة، واجتماعاً، واقتصاداً، وسياسةً، وحكماً، وحددت النصوص الشرعية أصول الأحكام في: الأحوال الشخصية، والمعاملات، والعقوبات، واستمد فقهاء الإسلام من هذه الأصول - من الكتاب والسنة - الأحكام الجزئية التي تتجدد بتجدد الأحداث في كل عصر، وظل تطبيق أحكام هذه الشريعة الغراء في أمة الإسلام مستمراً، في عصور التاريخ المختلفة - وإن ذكرت بعض المصادر توقف العمل بالأحكام الشرعية عندما دخل هولاكو بغداد - ولم يقبل أحد من حكام المسلمين التهاون في الأحكام الشرعية، لأن تحكيم الشريعة الإسلامية من أصول الإيمان بهذا الدين القويم.
فلما كثُر احتكاك المسلمين بالغرب تأثر بعض المسلمين بالثقافة الغربية، وتسرب الفكر الغربي إلى ديار الإسلام، وبدأ التهاون في التزام أحكام الشريعة، ثم كان استبدال القوانين الوضعية بها مرحلة مرحلة.
ولا يزال تطبيق الشريعة الإسلامية قائماً ولله الحمد، فنحن في هذه البلاد نعيش تحت راية التوحيد، ونستظل بأحكام الإسلام وتشريعاته السمحة.
الخاتمة
(١) صحيح البخاري مع الفتح (١/٧٥) كتاب الإيمان. باب: فإن تابوا ... ، وصحيح مسلم (١/٥٣) كتاب الإيمان حديث (٢٢) عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما.