للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأوّل: أن المعتمد لمن ذهب إلى هذا التفسير - التفسير الإشاري - هو ما أخرجه الإمام البخاري عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر، فكأنَّ بعضهم وجد في نفسه فقال: لم تدخل هذا معنا، ولنا أبناء مثله؟. فقال عمر: إنه من حيث علمتم. فدعا ذات يوم فأدخله معهم فما رُئيت أنه دعاني يومئذ إلا ليريهم. قال ما تقولون في قول الله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} (١) فقال بعضهم: أُمرنا نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا، وسكت بعضهم فلم يقل شيئًا. فقال لي: أكذاك تقول يا ابن عباس؟ فقلت: لا. قال: فما تقول؟ قلت: هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه له، قال: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} (٢) وذلك علامة أجلك {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً} (٣) فقال عمر: ما أعلم منها إلاَّ ما تقول". وقد ذكر أبو إسحاق هذا الدليل.

والثاني أن أبا إسحاق لم يرد التفسير الإشاري جملة، ولم يقبله جملة، بل فصّل في ذلك وهذا هو الحق.

والثالث: قد أتى أبو إسحاق الشاطبي على أهم الشروط التي تشترط لصحة هذا التفسير، وقد أضاف بعض العلماء ما يلي:

١ - ألاَّ يُدَّعى أنه المراد وحده دون الظاهر.

٢ - أن يُبيَّن المعنى الموضوع له اللفظ الكريم أولاً.

٣ - ألاَّ يكون من وراء هذا التفسير الإشاري تشويش على المفسَّر له.

المبحث السادس:

مع الإمام أبي إسحاق الشاطبي في قوله: إن المدني من السور ينبغي أن يكون منزلاً على المكي في الفهم، وكذلك المكي بعضه مع بعض، والمدني بعضه مع بعض


(١) سورة النصر، الآية: ١.
(٢) سورة النصر، الآية: ١.
(٣) سورة النصر، الآية: ٣.