للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣ - تبحث آراء المفسرين بالرأي والتفسير بالمأثور، ويختار ما تفسر الآية به، مع بيان وجه ردّ المردود وقبول المقبول.

٤ - وبعد ذلك كله يصاغ التفسير - مستوفيا ما نُص على استيفائه في الفقرة الثانية من القواعد السابقة - وتكون هذه الصياغة بأسلوب مناسب لإفهام جمهرة المتعلمين خال من الإغراب والصنعة.

قلت: ولعلّ هذا القول أقرب من قول المانعين - إن شاء الله تعالى - لأن ذلك وسيلة من وسائل أداء واجب البلاغ، لمن لا يعرف اللغة العربية، بشرط الالتزام التام بما جاء في القواعد السابقة، وبغيرها من القواعد التي لا يتسعُ المقام لذكرها.

المبحث العاشر: مع الإمام أبي إسحاق الشاطبي في التفسير العلمي للقرآن الكريم

ذكر الإمام الشاطبي رحمه الله أن الشريعة الإسلاميّة أُمية وأنها جارية على مذاهب أهلها، ثم بنى على هذه المسألة أشياء:

"منها: أن كثيرًا من الناس تجاوزوا في الدعوى على القرآن الحدَّ فأضافوا إليه كل علم يُذكر للمتقدمين أو المتأخرين من علوم الطبيعيات، والتعاليم، والمنطق، وعلم الحروف، وجميع ما نظر فيه الناظرون من هذه الفنون وأشباهها؛ وهذا إذا عرضناه على ما تقدم لم يصح.

وإلى هذا فإن السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن يليهم كانوا أعرف بالقرآن وبعلومه وما أودع فيه، ولم يبلغنا أنه تكلم أحد منهم في شيء من هذا المدعى ... ولو كان لهم في ذلك خوض ونظر لبلغنا منه ما يدلنا على أصل المسألة، إلاَّ أن ذلك لم يكن؛ فدل على أنه غير موجود عندهم، وذلك دليل على أن القرآن لم يقصد فيه تقرير لشيء مما زعموا، نعم تضمن علوما هي من جنس علوم العرب، أو ما ينبني على معهودها مما يتعجب منه أولو الألباب، ولا تبلغه إدراكات العقول الراجحة دون الاهتداء بأعلامه والاستنارة بنوره، أما أن فيه ما ليس من ذلك فلا.