وتابعه على هذا الاتجاه بعض المعاصرين، وعلى رأسهم الشيخ طنطاوي جوهري في كتابه "الجواهر الحسان"الذي هو أشبه بكتاب علوم مدرسي، فيه صور الحيوانات والنباتات وغير ذلك مما زعم أن القرآن دل عليه وطالبنا بالبحث فيه.
وذهب أبو إسحاق الشاطبي إلى خلاف هذه الفكرة، كما رأيت في كلامه، وذهب إلى فكرته طائفة من العلماء المعاصرين.
ولكل من الفريقين أدلّة، أشار أبو إسحاق الشاطبي إلى بعضها، وأتى على أكثرها الأستاذ الدكتور فهد بن عبد الرحمن الرومي.
وهناك رأي يقول: بقبول التفسير العلمي للقرآن الكريم بالشروط التالية:
١ - ألاَّ تطغى تلك المباحث عن المقصود الأول من القرآن الكريم، وهو الهداية والإعجاز.
٢ - أن تذكر تلك الأبحاث على وجه يدفع المسلمين إلى النهضة، ويلفتهم إلى جلال القرآن الكريم، ويحركهم إلى الانتفاع بقوى هذا الكون العظيم - الذي سخره الله لنا - انتفاعا يعيد لأمة الإسلام مجدَها.
٣ - أن تذكر تلك العلوم لأجل تعميق الشعور الديني لدى المسلم، والدفاع عن العقيدة ضد أعدائها.
٤ - أن لا تذكر هذه الأبحاث على أنها هي التفسير الذي لا يدل النص القرآني على سواه، بل تذكر لتوسيع المدلول، وللاستشهاد بها على وجه لا يؤثر بطلانها فيما بعد على قداسة النص القرآني، ذلك أن تفسير النص القرآني بنظرية قابلة للتغيير والإبطال يثير الشكوك حول الحقائق القرآنية في أذهان الناس، كلما تعرضت نظرية للرد أو البطلان.
وهذا الرأي الأخير هو وسط بين القولين، ويؤيده أن في القرآن الكريم إشارات علمية سيقت مساق الهداية، فالتلقيح في النبات ذاتي وخلطي، والذاتي ما اشتملت زهرته على عضوي التذكير والتأنيث. والخلطي: هو ما كان عضو التذكير فيه منفصلاً عن عضو التأنيث كالنخيل، فيكون التلقيح بالنقل، ومن وسائل ذلك الرياح، وجاء في هذا قول الله تعالى:{وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ}(١) ".