للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لم يُغفل الإمام أبو إسحاق الشاطبي أحكام القرآن في آيات الأحكام التي تعرض إلى تفسيرها، وكيف يغفلها وهو الفقيه الأصولي الذي سارت بفتاواه الركبان؟.

والإمام أبو إسحاق الشاطبي - على عادته - قد جاء بالفوائد، والاستنباطات البديعة، التي قد لا توجد عند كبار المفسرين المعتنين بأحكام القرآن، ولا عند من خصه بمؤلف.

وإلى جانب ما تقدم فقد نقل عن أئمة من المالكية وغيرهم، كتبهم في عداد المفقود، وما وُجد منها لم يطبع حتى الآن، مثل أحكام القرآن للقاضي إسماعيل المالكي البغدادي.

إلاّ أن الإمام أبا إسحاق الشاطبي لم يكن مكثرًا في تفسير أحكام القرآن إذا قورن هذا المبحث بالمباحث الأُخر التي ذكرتها في هذا الفصل.

وقد استفاد في هذا الجانب من الإمام أبي بكر محمد بن عبد الله ابن العربي، فإنه قد رجع إلى كتابه أحكام القرآن.

وإليك بعض الأمثلة على هذا المبحث:

(١) قال - رحمه الله تعالى -: " ... وكاستدلالهم على تقدير أقل مدة الحمل ستة أشهر أخذًا من قوله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً} (١) مع قوله: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} (٢) فالمقصد في الآية الأولى بيان مدة الأمرين جميعا من غير تفصيل، ثم بيَّن في الثانية مدة الفصال قصدًا، وسكت عن بيان مدة الحمل وحدها قصدًا، فلم يذكر له مدّة؛ فلزم من ذلك أن أقلها ستة أشهر".


(١) سورة الأحقاف، الآية: ١٥.
(٢) سورة لقمان، الآية: ١٤.