هذه الآية الكريمة تدل على تحريم نكاح الزواني والزناة على الإعفاء والعفائف ويدل لذلك قوله تعالى:{مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ} ... الآية، وقوله:{مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} الآية وقد جاءت آيات أُخر تدل بعمومها على خلاف ذلك؛ كقوله تعالى:{وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ} الآية وقوله: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} .
والجواب على هذا مختلف فيه اختلافاً مَبْنِياً على الاختلاف في حكم تزوج العفيف للزانية أو العفيفة للزاني؛ فمن يقول (هو حرام) يقول: هذه الآية مخصصة لعموم وأنكحوا الأيامى منكم وعموم وأحل لكم ما وراء ذلكم.
والذين يقولون بـ (عدم المنع) وهم الأكثر أجابوا بأجوبة:
منها أنها منسوخة بقوله:{وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ} ، واقتصر صاحب الإتقان على النسخ، وممن قال بالنسخ سعيد بن المسيب والشافعي.
ومنها أن النكاح في هذه الآية:(الوطء) وعليه فالمراد بالآية أن الزاني لا يطاوعه على فعله ويشاركه في مراده إلاّ زانية مثله أو مشركة لا ترى حرمة الزنا.
ومنها أن هذا خاص؛ لأنه كان في نسوة بغايا كان الرجل يتزوج إحداهن على أن تنفق عليه مما كسبته من الزنا؛ لأن ذلك هو سبب نزول الآية. فزعم بعضهم أنها مختصة بذلك السبب بدليل قوله:{وَأُحِلَّ لَكُمْ} ... الآية، وقوله:{وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى} ... الآية، وهذا أضعفها والله تعالى أعلم.