للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القسم الثاني: ماسحر في اللغة. وهو"السحر المجازي"ومداره على قوة البيان وخفة اليد، والحيل والاكتشافات التي سبق بها الساحر عصره وإنما أدخل هذا القسم في فن السحر للطافة مأخذه، ذلك أن السحر في اللغة عبارة عما خفي ولطف سببه. وهو أنواع منها:

الأول: الأخذ بالأبصار والشعبذة، وهذا النوع مبني على مقدمات. أحدها: أن أغلاط البصر كثيرة ومن أمثلة ذلك أن راكب السفينة إذا نظر إلى الشط رأى السفينة واقفة والشط متحركاً ومثلها السيارة ونحوها. وذلك دليل على أن الساكن يرى متحركاً والمتحرك يرى ساكناً.

ثانيها: أن القوة الباصرة إنما تقف على المحسوسات وقوفاً تاماً إذا أدركت المحسوسات في زمان له مقدار ما، أما إذا أدركت المحسوس في زمان قصير جداً ثم أدركت بعده محسوساً آخر وهكذا فانه يختلط البعض بالبعض.

وثالثها: أن النفس إذاكانت مشغولة بشيء فربما حضر عند الحس شيء آخر ولا يشعر الحس به ألبتة. مثاله: أن الإنسان عند دخوله على السلطان قديلقاه إنسان آخر ويتكلم معه فلا يعرفه ولا يفهم كلامه، إذ إن قلبه مشغول بشيء آخر. ثم بعد أن فصّل الرازي في تلك المقدمات قال: إذا عرفت هذه المقدمات سهل عند ذلك تصور كيفية هذا النوع من السحر، وذلك أن المشعبذ الحاذق يظهر عمل شيء يشغل أذهان الناظرين به ويأخذ عيونهم إليه حتى إذا استغرقهم الشغل بذلك الشيء والتحديق نحوه عمل شيئا آخر بسرعة شديدة فيبقى ذلك العمل خفياً لتفاوت الشيئين.

أحدهما: اشتغالهم بالأمر الأول والثاني: سرعة الإتيان بهذا العمل الثاني وحينئذ يظهر لهم شيء آخر غيرما انتظروه فيتعجبون منه جداً ولو أنه سكت ولم يتكلم بما يصرف الخواطر إلى ضد ما يريد أن يعمله، ولم تتحرك النفوس والأوهام إلى غير ما يريد إخراجه لفطن الناظرون لكل ما يفعله.