للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجه الاستدلال: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا باجتناب السبع الموبقات وعد منها السحر بل جعله في المرتبة الثانية بعد الشرك بالله. مما يدل على أن له حقيقة.

٣- قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من تصّبح بسبع تمرات عجوة (١) لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر" (٢)

وجه الاستدلال: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أرشدنا إلى ما فيه وقاية من السحر ولايتوقى إلاشيء له حقيقة وأثر بين، كما أنه قارنه بالسم والسم متفق بأن له حقيقة وأثراً فكذلك إذاً السحر.

ثالثاً: الدليل من الواقع: كذلك من أدلة أهل السنة على أن للسحر حقيقة: الواقع المشاهد وما اشتهر بين الناس من عقد الرجل عن امرأته حين يتزوجها فلا يقدرعلى إتيانها. وحل عقده فيقدر عليها بعد عجز عنها حتى صار متواتراً لا يمكن جحده.

وروى من أخبار السحرة ما لا يكاد يمكن التواطؤ على الكذب فيه.

كل هذا دليل ظاهر على أن للسحر حقيقة والله أعلم.

القول الثاني: وهو قول عامة المعتزلة.

وجماعة من العلماء كأبي منصور الماتريدي وابن حزم وأبي جعفر الأستراباذي من الشافعية وأبي بكر الجصاص، وغيرهم.

ويتلخص رأيهم في أن السحر لا حقيقة له وإنما هو تمويه وتخييل فلا تأثير له لا في مرض ولا حل ولا عقد ولاغير ذلك، وعلى ذلك فهم ينكرون من أنواع السحر ما كان له حقيقة ويجعلونه ضرباً واحداً وهو سحر التخييل.

يقول القاضي عبد الجبار:"إن السحر في الحقيقة لا يوجب المضرة لأنه ضرب من التمويه والحيلة..."

ويقول أبو منصور الماتريدي: "والأصل أن الكهانة محمول أكثرها على الكذب والمخادعة والسحر على التشبيه والتخييل"


(١) ضرب من أجود تمر المدينة والينه. انظر فتح الباري ج١٠ ص ٢٣٨.
(٢) رواه البخاري في كتاب الطب باب الدواء بالعجوة للسحر برقم ٥٧٦٩، ومسلم في كتب الأشربة باب فضل تمر المدينة. انظر: صحيح مسلم المطبوع مع شرح النووي ج١٤ص٢.