للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أولاًً: الآيات دليل على أن للسحر حقيقة إذ إنها دلت على أن للسحر أثراً في نظر المسحور حتى تخيل الشيء علىخلاف ما هو عليه وهو تأثير في إحساسهم، وإذا جاز، فما الذي يحيل تأثيره في تغيير بعض أعراضهم وقواهم وطباعهم؟ وما الفرق بين التغيير الواقع في الرؤية والتغيير الواقع في صفة أخرى من صفات النفس والبدن؟ وعليه فالآيات حجة عليكم لا لكم.

ثانياً: على التسليم بدلالة الآيات على التخييل فقط فإن هذا لا يمنع أن يكون غير التخييل من جملة السحر؛ لأنها لم تحصر السحر في التخييل، وإنما دلت على أن سحر سحرة فرعون ونحوهم كان من هذا النوع ونحن لاننكر أن يكون التخييل من أنواع السحر وعلى ذلك فلا حجة في الآيات على نفي حقيقة السحر وتأثيره والله أعلم.

ثانياُ: الشبهات العقلية: منها ما يلي:

الشبهة الأولى: قالوا إن في القول بأن للسحر أثراً خارقاً للعادة يلزم منه أن يكون هناك موجوداً مثلاً لله تعالى. كما أنه لا يمكن العلم معه بالفرق بين ما يختص الله بالقدرة عليه وبين مقدور العباد.

الجواب: يقال لهم هذه الشبهة باطلة ولا يلزم من القول بأن للسحر أثراً ما زعمتم، ذلك أن أهل السنة لما قالوا بأن للسحر أثراً لم يطلقوا القول بحصول كل أثر أو بحصول أثر يصل إلى مرتبة الخلق والإيجاد، ذلك أن الموجد الحق هو الله وحده لا شريك له.

قال تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ.... الآية} (١) وقال تعالى {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً} (٢) وقال تعالى {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ ٠٠٠ الآية} (٣) والقول بأن أثر السحر يصل إلى درجة الخلق شرك في الربوبية. أعاذنا الله منه.

وإنما قالوا له أثر على النفس والبدن يؤدي إلى المرض.


(١) آية ٦٢ سورة الزمر.
(٢) آية ٢ سورة الفرقان.
(٣) آية ١٧ سورة النحل.