للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول الإمام أبو حنيفة: "يقتل الساحر إذا علم أنه ساحر ولا يستتاب ولا يقبل قوله إني أترك السحر وأتوب منه."فإذا أقرّ أنه ساحر فقد حل دمه، وإن شهد عليه شاهدان أنه ساحر فوصفوا ذلك بصفة يعلم أنه ساحر قتل ولا يستتاب، وإن أقرّ فقال: كنت أسحر وتركت هذا منذ زمان قبل منه ولم يقتل. وكذا لو شهد عليه أنه كان مرة ساحر وأنه ترك منذ زمان لم يقتل إلا أن يشهدوا أنه الساعة ساحر وأقرّ بذلك فيقتل. (١)

وحكى محمد بن شجاع عن علي الرازي. قال: سألت أبا يوسف عن قول أبي حنيفة في الساحر: يقتل ولا يستتاب. لمَ لم يكن ذلك بمنزلة المرتد؟ فقال الساحر جمع مع كفره السعي في الأرض بالفساد والساعي بالفساد إذا قتل قتل. (٢)

وقال الإمام مالك: "الساحر كافر يقتل بالسحر ولا يستتاب ولا تقبل توبته بل يتحتم قتله كالزنديق" (٣)

وقال أيضاً: "فإذا جاء الساحر أو الزنديق تائباً قبل أن يشهدوا عليهما قبلت توبتهما" (٤)

وقال ابن قدامة:" ... وحد الساحر القتل روي ذلك عن عمر وعثمان ابن عفان وابن عمر وحفصة وجندب بن عبد الله وجندب بن كعب وقيس ابن سعد وعمر بن عبد العزيز وهو قول أبي حنيفة ومالك ... إلى أن قال: وهل يستتاب الساحر؟ فيه روايتان: أحدهما: لا يستتاب، وهو ظاهر ما نقل عن الصحابة فإنه لم ينقل عن أحد منهم أنه استتاب ساحراً. (٥)

وقال عياض: "وبقول مالك قال أحمد وجماعة من التابعين" (٦)

وقال القرطبي: "اختلف الفقهاء في حكم الساحر المسلم ... فذهب مالك إلى أن المسلم إذا سحر بنفسه بكلام يكون كفراً يقتل ولا يستتاب ولا تقبل توبته؛ لأنه أمر يستسر به كالزنديق والزاني ... وهو قول أحمد بن حنبل وأبي ثور وإسحاق والشافعي وأبي حنيفة. (٧)


(١) أحكام القرآن ج١ص٦٠ وانظر: تفسير الرازي ج٣ص٢١٥.
(٢) أحكام القرآن ج١ص٦١.
(٣) فتح الباري ج١٠ص٢٢٤، ونيل الوطار ج٧ص٣٦٣.
(٤) تفسير القرطبي ج٢ ص٤٩.
(٥) المغني لابن قدامة ج٨ص١٥٣.
(٦) فتح الباري ج١٠ص٢٢٤.
(٧) تفسير القرطبي ج٢ص٤٧-٤٨.