للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجه الدلالة: أنه لو وجب قتلها تأجل بيعها قاله ابن المنذر وغيره (١) .

٣- ما ورد في الصحيحين وغيرهما: أن لبيد بن الأعصم اليهودي سحر النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقتله (٢) فوجب أن يكون المؤمن كذلك لقوله عليه الصلاة والسلام: "لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين" (٣) .

٤- ما وراه ابن حزم عن ربيعة بن عطاء أن "رجلاً عبداً سحر جارية عربية فكانت تتبعه فرفع إلى عروة بن محمد وكان عامل عمر بن عبد العزيز فكتب إليه عمر بن عبد العزيز أن يبيعه بغير أرضها وأرضه ثم أمره أن يدفع ثمنه إليه" (٤) فعمر كما نرى أمر بتعزير فقط دليل على أنه لا يقتل. وقد استدل به الشافعية على الحالة الثالثة. مما ذكرنا يظهر - والله أعلم - أنه لا خلاف في قتل الساحر الذي بلغ بسحره الكفر أو قتل بسحره نفساً اللهم - إلا أن الجمهور قالوا يقتل حداً والشافعي ومن معه قالوا: يقتل كفراً أو قصاصاً.

وإنما الخلاف في الساحر الذي لم يبلغ بسحره الكفر ولم يقتل نفساً. فالجمهور - كما نرى- قالوا بقلته مطلقاً. والشافعي ومن معه قالوا لا يقتل، إنما يعزر. وقد رجح البعض (٥) ورأي الجمهور – لاتفاق الكتاب والسنة وفعل الصحابة له من غير نكير. ولذا أجابوا عن أدلة الشافعي ومن معه بما يلي:

أما الدليل الأول: فأجيب عنه: بأن الساحر عند الجمهور كافر، ذلك أن السحر في الشرع لا يتحقق إلا بالتقرب إلى الشياطين وعبادة الكواكب ونحوه، وذلك عين الكفر، وعليه فهو حلال الدم وعلى فرض أنه ليس بكافر فإن هذا الدليل عام.


(١) اتظر: أضواء البيان ج٤ ص٤٦١.
(٢) سبق تخريجه، وانظر فتح الباري ج١٠ص٢٣١.
(٣) رواه أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي وابن حبان والدارقطني عن أنس كنز العمال حديث ٣٧٤ ورواه النسائي في كتاب الإيمان وشرائعه باب على من يقاتل الناس ج٨ ص ١٠٩ وانظر: جامع الأصول حديث ٣٨.
(٤) المحلى لابن حزم ج١ ص ٣٩٥.
(٥) انظر: تيسير العزيز الحميد ٣٤٢ وأضواء البيان ج٤ ص٤٦٢.