للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال البيهقي وغيره: "ويكفي في ترجيح حديث بسرة على حديث طلق أن حديث طلق لم يحتج الشيخان بأحد من رواته، وحديث بسرة قد احتجا بسائر رواة حديثها، وهذا وجه رجحان حديثها على حديث طلق من طريق الإسناد؛ لأن الرجحان إنما يقع بوجود شرائط الصحة والعدالة في حق هؤلاء الرواة دون من خالفهم".

واستدل أصحاب القول الثاني بالأدلة الآتية:

١-حديث قيس بن طلق، عن أبيه قال: "قدمنا على نبي الله صلى الله عليه وسلم فجاء رجل كأنه بدوي فقال: يا نبي الله، ما ترى في مس الرجل ذكره بعدما يتوضأ؟ فقال:"هل هو إلا مضغة (١) منه؟ أو قال: بضعة (٢) منه"

٢-ما روى جعفر بن الزبير عن القاسم، عن أبي أمامه أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني مسست ذكري وأنا أصلي، فقال: "لا بأس إنما هو حذية (٣) منك" (٤)

٣-إجماع أهل العلم على أن لا وضوء على من مس بولاً أو غائطاً أو دماً فمس الذكر أولى أن لا يوجب وضوءاً.

وقد اعترض على هذه الأدلة بما يأتي:

١-أن حديث طلق ضعيف باتفاق المحدثين وقد بين البيهقي وجوهاً من ضعفه.

٢-أنه منسوخ بحديث بسرة لأن أبا هريرة قد رواه وهو متأخر الإسلام ووفادة طلق على النبي صلى الله عليه وسلم كانت في السنة الأولى من الهجرة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبني مسجده وقدوم أبي هريرة وإسلامه كان في السنة السابعة من الهجرة.


(١) المضغة: القطعة من اللحم قدر ما يمضغ. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر ٤/٣٣٩ المصباح المنير ٢/٦٩٩.
(٢) بضعة: بالفتح القطعة من اللحم. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر ١/١٢٣، المصباح المنير ١/٦٥.
(٣) حذية: أي قطعة قيل هي بالكسر: ما قطع من اللحم طولاً. انظر النهاية في غريب الحديث والأثر ١/٣٥٧.
(٤) أخرجه ابن ماجه ١/١٦٣ في الطهارة باب: الرخصة في ذلك، وفي سنده جعفر بن الزبير متروك، والقاسم ضعيف كما في التقريب ١٤٠، ونصب الراية ١/٦٩.