٢-أن في حديث طلق علة لا يمكن أن تزول، وإذا ربط الحكم بعلة لا يمكن أن تزول، فإن الحكم لا يمكن أن يزول لأن الحكم يدور مع علته، والعلة قوله: "إنماهو بضعة منك" ولا يمكن في يوم من الأيام أن يكون ذكر الإنسان ليس بضعة منه، فلا يمكن النسخ.
٣-أن أهل العلم قالوا: إن التاريخ لا يعلم بتقدم إسلام الراوي أو تقدم أخذه، لجواز أن يكون الراوي حدث به عن غيره.
وخلاصة القول في المسألة كما ذكر الشيخ محمد العثيمين: "أن الإنسان إذا مس ذكره استحب له الوضوء مطلقاً سواء مس بشهوة أو بغير شهوة وإذا مسه لشهوة فالقول بالوجوب قوي جداً وهو الأحوط" والله تعالى أعلم.
المطلب الثاني
في مس ذكر الغير
بينت في المطلب السابق حكم انتقاض وضوء الإنسان بمس ذكره وفي هذا المطلب أذكر حكم مس الإنسان لذكر غيره.
والكلام في هذه المسألة مبني على الكلام في مسألة من مس ذكره.
فذهب الفقهاء القائلون بنقض الوضوء من مس الإنسان ذكره إلى أنه لا فرق بين مس الإنسان ذكره وذكر غيره
وذهب داود وابن حزم إلى أن من مس ذكر غيره لا ينتقض وضوءه
استدل أصحاب القول الأول بالأدلة الآتية:
١-حديث بسرة فقد ورد في بعض ألفاظه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من مس الذكر فليتوضأ" (١) .
وجه الدلالة: أن الحديث على عمومه يدخل تحت عمومه ذكره وذكر غيره.
٢-أن مس ذكر غيره معصية، وأدعى إلى الشهوة، وخروج الخارج، وحاجة الإنسان تدعو إلى مس ذكر نفسه، فإذا انتقض بمس ذكر نفسه فمس ذكر غيره أولى وهذا تنبيه يقدم على الدليل.
٣-ولأن من مس فرج غيره أغلظ من مس فرجه لما يتعلق به من هتك حرمة الغير فكان بالنقض أحق.
واستدل أصحاب القول الثاني بالآتي:
أنه لا نص فيه، والأخبار إنما وردت في ذكر نفسه، فيقتصر عليه.
واعترض على هذا الاستدلال:
(١) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ٢٤/١٩٧، حديث رقم: (٤٩٩) وصححه.