للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رابعا: أنه صلى الله عليه وسلم نشأ أميا بين أميين لا يقرأ ولا يكتب، ثم جاء من الله بهذا القرآن الذي لو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله لا يأتون بذلك ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا. وفي نشأته صلى الله عليه وسلم على هذه الصفة قطع للطريق التي ينفذ منها الكفار إلى تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم.. فيما جاء به عن الله وأنه من أساطير الأولين قرأها أو كتبها لو كان كذلك، وقد أوضح الله ذلك بقوله: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} . ثم أشار إلى حصول الريبة من أعدائه لو كان قارئا كاتبا بقوله: {إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} . وتلك الطريق التي قطعت عليهم بجعله صلى الله عليه وسلم أميا لا يقرأ ولا يكتب سلكوها كذبا وافتراء على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع علمهم التام ببعده صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقد أخبر الله عنهم أنهم قالوا إنما يعلمه بشر ويأبى الله إلا إن يتم نوره ويظهر دينه فيجيبهم بأن لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا الذي جاءهم به لسان عربي مبين. ولهذا نجد الله سبحانه وتعالى عند إنكاره على قومه صلى الله عليه وسلم ما يقومون به من المعارضة والمناوأة له صلى الله عليه وسلم يلفت أنظارهم إلى ماضيه المشرق الوضاء، ويذكرهم بعلمهم ومعرفتهم التامة لحركاته وسكناته ومدخله ومخرجه فيقول سبحانه: {أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ} ويقول: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} . ثم إنه تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يخبرهم بأنه ليس له إلا التبليغ عن الله، وأنه لو شاء الله