قال الحاكم النَّيْسَابوريُّ: رواية الأقران مِنَ التَّابعينَ وأتباع التَّابعينَ وَمَن بعدهم مِن علماء المسلمينَ، ورواية بعضهم عن بعضٍ، وهذا النَّوع منه غير رواية الأكابر عن الأصاغر. وإنَّما القرينان إذا تقاربَ سِنُّهما وإسنادهما وهو على ثلاثة أجناسٍ:
فالجنس الأول منه الذي سَمَّاهُ بعض مشايخنا المُدَبَّج، وهو أن يروي قرينٌ عن قرينهِ، ثُمَّ يروي ذلك القَرين عنه، فهو المُدَبَّج.
مثاله في الصَّحابة:
أخرج الحاكم بسندهِ: عن أبي هُريرة، عن عائشةَ رضي اللَّهُ عنها قال: فقدتُ النَّبِيَّ صلى اللَّهُ عليه وسلَّم ذات ليلةٍ مِنَ الفِراشِ، فجعلتُ أطلبهُ بيدي فوقَعت يدي على باطن قدميه وهما مَنصوبتان، فسمعتهُ يقولُ:"اللَّهُمَّ إنِّي أعوذُ برحمتكَ مِن سَخَطِكَ، وأعوذُ بِمُعافَاتِكَ مِن عقوبَتِكَ، وأعوذُ بِكَ مِنْك لا أُحْصي ثناءً عليك أنت كما أَثْنَيْتَ على نَفْسِكَ".
قال أبو عبْدِ اللَّهِ: وقد روت عائشةُ عن أبي هُريرةَ وسألتهُ عن حديثهِ.
وأخرج الحاكم بسنده: عن علقمةَ أنَّ عائشَةَ قالت لأبي هُريرةَ: أنت حَدَّثت عن رسولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم: أنَّ امرأةً عُذِّبت في هِرَّةٍ؟ فقال: سمعتُ رسولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يقولُ ذلك الحديث.
مثال آخر: قال الحاكم: عن جابر عن ابنِ عَبَّاسٍ أنَّ النَّبيَّ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال: "يدخُلُ الجَنَّةَ مَن بايعَ تحتَ الشَّجَرَة إلاَّ صاحِب الجمل الأحمر".
قال أبو عبدِ اللَّهِ: وقد رويَ عن عبدِ اللَّهِ بنِ عبَّاسٍ، عن جابرٍ.