للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٤٥- قال البُخاريُّ: حدَّثنا إسحاقُ، حدَّثنا عفَّانُ، حدَّثنا وُهَيْبٌ، حدَّثنا موسى - هو ابن عُقبةَ - حدَّثني محمدُ بنُ يحيى بن حَيَّانَ، عن ابنِ مُحَيْريزٍ، عن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ في غزوةِ بني المُصْطَلَقِ أنَّهُم أصابوا ... وقال مجاهدٌ، عن قَزَعَةَ: سمعتُ أبا سعيدٍ فقال: قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:"ليست نَفْسٌ مَخْلوقَة إلاَّ اللَّهُ خالقها" (١) .

قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: مُجاهدٌ، عن قزَعَةَ، هو ابنُ يحيى، وهو مِن روايةِ الأقرانِ، لأنَّ مُجاهداً وهو ابنُ جَبْرٍ المُفَسِّرُ المشهور المكيُّ في طبقةِ قَزَعَةَ.

إنَّ هذا التَّتبع لروايات الأقران في (صحيح البخاري) لا يفيد الحصر، غير أنَّهُ يبرز للباحث المتأمل أهمية المُدَبَّج ورواية الأقران، وأثره في علم الرِّواية، وتوثيق النُّصوص، كما أنَّه يظهر مدى الثِّقة والاعتزاز بالشُّيوخِ، والعمل على ترجيح رأيهم وإعطائهِ أهمية في موطن الخلاف، سيما أنَّ رواية الأقران تعني في غالب الأحوال، رواية أهل الأمصار بعضهم عن بعض، وهذا سيقودنا إلى ظاهرة التَّنافس العلمي التي برزت بينَ المدارس والأقاليم، في القرن الثَّاني الهجري، والتي كان من مظاهرها الاعتزاز والتَّشبث بمرويات الشُّيوخ، وتفضيل آرائهم الفقهية، وتقديمها على مرويات وآراء غيرهم مِن شيوخ المدن الأخرى.

قال البُخاريُّ: حدَّثني محمدُ بنُ عرعرةَ، حدَّثنا شُعبةُ، عن سعدِ بنِ إبراهيمَ، عن أبي سلمةَ، عن عائشَةَ رضي اللَّهُ عنها أنَّها قالت: سُئِلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: أيُّ الأعمالِ أحبُّ إلى اللَّهِ؟ قال: "أدوَمُها وإنْ قَلَّ". وقال: "اكلَفوا منَ الأعمالِ ما تُطيقُونَ" (٢) .


(١) البخاري: ١٣/٣٩٠-٣٩١ (٧٤٠٩) .
(٢) البخاري: ١١/٢٩٤ (٦٤٦٥) .