تُعدُّ رواية الحديث النَّبويّ الشَّريف، وقوانينها المُحكمة، والأنماط المُتَّبعة لروايتها منَ العُلومِ التي أدّت دوراً بارزاً في الحفاظ على السُّنَّةِ وعلومها، ولا تزال هذهِ القوانينُ والأنماط مجهولة لدى الكثير من المشتغلين في توثيق النُّصوصِ وضبطها، وتفتقر إلى المزيد من البحوثِ المُعاصرة كي تسترعي نظر الباحثينَ والمُحللين، وتميط اللثام عن أهميَّة هذا العلم ومنهجه الفريد، واتجاهاته المُختلفة التي حالت دون العبث بتراثنا، وقدَّمت برهاناً ساطعاً غير مشكوك فيه على دقَّةِ المُحدِّثينَ وسلامة منهجهم في توثيقِ النُّصوصِ وضبطها.
وبحثنا هذا حاول أن يبرز جانباً من جوانب علم الرِّواية عند المُحَدِّثين، وأثره المميز الذي تفتقده معظم الحضارات القديمة والحديثة على حدٍّ سواء.
إنَّ الأمثلة التي حرصنا على ذِكرها في بحثنا هذا والتي كان معظمها من كتاب (الجامع الصَّحيح) للإمام البُخاريِّ، رحمه اللَّهُ تعالى، قد وفرت لنا مادةً علميَّةً أعطت لنا القُدرة على التَّحركِ للكتابةِ في مجال المُدَبَّجِ وروايةِ الأقران.