للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهو جل وعلا لم يخلق شيئاً باطلاً أو لعباً، ولم يشرع شرعاً عبثاً أو اعتباطاً بل إن كل أحكامه – عز وجل – مثل كل أفعاله منوطة بالحكمة فهو سبحانه حكيم فيما خلق، وحكيم فيما شرع. كما قال سبحانه: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ} (١) أي عابثين، والعبث: ما خلا عن المصلحة والحكمة.

وقال جل وعلا: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثا} (٢) أي من غير مصلحة مقصودة وحكمة منشودة؟!

{فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقّ} (٣) "أي تقدس أن يخلق شيئاً عبثاً فإنه الملك الحق المنزه عن ذلك".

وقال عز وجل - في مقادير المواريث -: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} حتى ختمها بقوله: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً} (٤) "لتشعر القلوب بأن قضاء الله للناس مع أنه هو الأصل الذي لا يحل لهم غيره، فهو كذلك المصلحة المبنية على كمال العلم والحكمة، فالله يحكم لأنه عليم وهم لا يعلمون، والله يفرض لأنه حكيم وهم يتبعون الهوى".

ومن هنا قال العلماء: حيث المصلحةُ فثَم شرع الله، أي حيث المصلحة محققة فثم شرع الله بها موجود. فما هي المصلحة؟.

تعريف المصلحة:

المصلحة كالمنفعة وزنا ومعنى، فهي مصدر بمعنى الصلاح، كالمنفعة بمعنى النفع، أو هي اسم للواحدة من المصالح، وقد صرّح صاحب لسان العرب بالوجهين فقال: "والمصلحة الصلاح، والمصلحة واحدة المصالح". فكل ما كان فيه نفع - سواء كان بالجلب والتحصيل كاستحصال الفوائد واللذائذ، أو بالدفع والاتقاء كاستبعاد المضار والآلام - فهو جدير بأن يسمى مصلحة.

والمصلحة عند علماء الشريعة الإسلامية هي: "المنفعة التي قصدها الشارع الحكيم لعباده، من حفظ دينهم ونفوسهم وعقولهم ونسلهم وأموالهم طبق ترتيب معين فيما بينها"قاله الرازي.


(١) سورة الأنبياء آية (١٦) .
(٢) سورة المؤمنون آية (١١٥) .
(٣) سورة المؤمنون آية (١١٦) .
(٤) سورة النساء آية (١١) .