للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَيَمَّمْنَ عَيْناً مِنْ أُثالٍ نَميرَةً

قَموساً يَمُجُّ المُنْقِضاتِ احْتِفالُها

ولو ذهبتُ أتتبعُ الشواهد الشعرية في تعدية الفعل (تَيَمَّمَ) عند العرب لطال البحث وحسبك من القلادة ما أحاط بالعنق.

وقال ابن السكيت: "أَصْلُ التَّيَمُّم: القصد، ويقال تيمّمته إذا قصدت له، قال تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعيداً طَيِّباً} أي اقصدوا لصعيد طيّب، ثم كثر استعمالهم هذه الكلمة حتى صار التيمُّم مسح الوجه واليدين بالتراب".

والياء في تيمّم منقلبة عن همزة، وأصل الفعل: (أمَّ) بمعنى قصد يقال أمَّه يؤمُّه أمّاً بمعنى قصده.

ومع أن الفعل استعمل متعدِّياً كما رأينا في الشواهد السابقة إلا أننا نجد من المعربين للقرآن من أجاز أن تكون (صعيداً) منزوعة الخافض، قال أبو البقاء: "صعيداً مفعول تيمّموا، أي: اقصدوا صعيداً، وقيل: هو على تقدير حذف الباء أي: بصعيد".

وقال المنتجب: "وقيل: هو على تقدير حذف الباء أي بصعيد، وقيل هو ظرف وهذا على قول من جعل الصعيد الأرض، أو وجه الأرض، والوجه هو الأول وعليه المعنى والإعراب"

وقال السمين:"وصعيداً مفعول به لقوله تيمّموا أي اقصدوا، وقيل: هو على إسقاط حرفٍ أي: بصعيد، وليس بشيء لعدم اقتياسه".

وقال الجمل: "وصعيداً مفعول به لقوله فتيمّموا أي اقصدوا، وقيل هو على إسقاط حرف أي لصعيد، وليس بشيء لعدم انقياسه".

وقال تعالى: {قالَ فَبِما أَغْوَيْتَني لأقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ المُسْتَقيمَ} .

جاءت كلمة (صراطَ) في الآية منصوبة، والفعل الذي يطلبها هو (قَعَدَ) ، وهو لازم، وللنحاة في توجيه نصبها ثلاثة أقوال:

الأول: أنه منصوب على إسقاط الخافض وهو رأي الأخفش قال: (أي على صراطك، كما تقول توجه مكة أي: إلى مكة وقال الشاعر:

كَأَنِّيَ إذْ أسْعى لأظْفَرَ طائِراً

مَعَ النِّجْمِ في جَوِّ السَّماءِ يُصَوِّبُ