للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رُبَّ ثاوٍ يُمَلُّ مِنْهُ الثَّواءُ

وقد أجاز أبو حيّان وجماعة تعليق الفعل (آذن) في الآية الكريمة، لأنه بمعنى أعلم، وأعلم يعلّق فما كان بمعناه يأخذ حكمه قال في تفسير الآية الكريمة: "وآذنّاك معلّق، لأنه بمعنى الإعلام، والجملة من قوله: {مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ} في موضع المفعول، وفي تعليق باب أعلم خلافٌ، والصحيح أنه مسموع من كلام العرب"، وقال السمين: " {مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ} هذه الجملة المنفية معلِّقة لـ (آذناك) ،لأنها بمعنى أعلمناك، وتقدّم لنا خلاف في تعليق أعلم، والصحيح وقوعه سماعاً من العرب".

وقال تعالى: {سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعيمٌ} .

أجاز أبو حيان والسمين أن تكون جملة (أيُّهم بذلك زعيمٌ) في محل نصب على نزع الخافض مفعول ثانٍ لـ (سأل) ، لأن (سأل) إذا كان بمعنى استفهم تعدَّى للثاني بـ (عن) ، أو بـ (الباء) قال تعالى: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ} وقال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها} وقال تعالى: {ويَسْأَلونَكَ عَنِ ذي القَرْنَيْنِ} (١) وقال تعالى: {سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ} (٢)

وقال علقمة الفحل:

فَإنْ تَسْأَلونِي بالنِّساءِ فَإنَّني

بَصيرٌ بِأَدْواءِ النِّساءِ طَبيبُ

وإن كان (سأل) بمعنى (طلب) نصب الثاني بنفسه نحو قوله تعالى: {قُلْ لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إنْ هُوَ إلاَّ ذِكْرٌ لِلعالَمِينَ} وقوله تعالى: {لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالعاقِبَةُ للتَّقْوى} (٣) وقوله تعالى: {وَإذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً} (٤) وقوله تعالى: {قُلْ لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إلاَّ المَوَدَّةَ في القُرْبى} (٥)

وقال الشاعر:

فَلَوْ أَنْكِ في يَوْمِ الرَّخاءِ سَأَلْتِنِي

طَلاقَكَ لَمْ أَبْخَلْ وَأَنْتِ صَدِيقُ


(١) الأعراف: ١٨٧.
(٢) الكهف: ٨٣.
(٣) الأنعام: ٩٠.
(٤) طه: ١٣٢.
(٥) الأحزاب: ٥٣.