وكنية هذا العَلَم أبو محمد وقد حمدت في النحو سيرته وطابت سريرته. دلف من البصرة معقل النحاة السابقين الأولين وهبط مصر مع اللائذين الآمنين. تقرن السيرة النبوية الشهيرة باسمه ويضيفها كثير من الكرام الكاتبين إليه، بيد أن التاريخ المحقق لا ينكر فضله في تهذيب حواشيها وتنقيحها وحذف طائفة من أشعارها وهي في الواقع من صنع المؤرخ ابن إسحاق خطها بيمينه ورواها عنه ونقلها منه زياد البكائي لرفيقه وصديقه ابن هشام فلا نكران لفضله ولا كفران لسعيه وله إلى متصله السيرة شرح ما وقع في أشعار السير من الغريب. وله معها أنساب حمير وملوكها وقد وثقه أبو سعيد بن يونس. وكان براً كريماً بالإمام الشافعي رضي الله عنه وبحسبه منه كلمته الباقية (الشافعي حجة في اللغة) جاور ربه سنة ثماني عشرة وقيل ثلاث عشرة ومائتين من الهجرة.
ثانيهم محمد بن يحي بن هشام الخضراوي. أبو عبد الله الأنصاري الخزرجي الأندلسي. ينسب إلى الجزيرة الخضراء ويدعى بابن البردغي قال عنه الإمام السيوطي وهو يترجم له ويترجم عليه:
كان العلامة الخضراوي رأساً في العربية عاكفاً على التعليم تلقى العربية عن ابن خروف ومصعب والرندي وأخذ القراءات عن أبيه. وكفاه فضلاً أن يكون الشلوبين من بين بنيه النحويين. وينوه به وينقل عنه ابن هشام الأنصاري والصبان.