للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبمثل هذا وصفهم الرحالة ابن بطوطة، وأضاف: "وهم شجعان أنجاد، ولباسهم الجلود، وإذا وردوا مكة هابت أعراب الطريق مقدمهم، وتجنبوا اعتراضهم. ومن صحبهم من الزوار حمد صحبتهم، وذُكر أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكرهم وأثنى عليهم خيرًا، وقال: "علموهم الصلاة يعلموكم الدعاء"وكفاهم شرفًا دخولهم في عموم قوله صلى اللَّه عليه وسلم: "الإِيمان يمان والحكمة يمانية".

وذُكر أن عبد اللَّه بن عمر رضي اللَّه عنهما كان يتحرى وقت طوافهم، ويدخل في جملتهم، تبركًا بدعائهم، وشأنهم عجيب كله، وقد جاء في أثر: "زاحموهم في الطواف، فإن الرحمة تنصب عليهم صبًا" (١) .

واشتهر أزد شنوءة بكمال الخلقة البشرية. وفي الحديث في حق موسى: "كأنه من رجال شنوءة" (٢) .

ووُصِف بنو لِهْب من بني نصر بن الأزد بأنهم أعْيَف العرب، ولهم في ذلك أمور عجيبة، وفيهم يقول كثير عزة.

تيممت لهبًا ابتغي العلم عندهم

وقد ردّ علمُ العائفين إلى لهب

كما وُصف بنو ثمالة، وهم إخوة بني لهب، بأنهم أهل رويّة وعقول، وإليهم ينتمي محمد بن يزيد المبرد.

وذكرهم الشعراء، فأثنوا على خصالهم الحميدة، قال مُضَرِّس بن دُومي النهدي:

إذا الحرب شالت لا قحًا وتحَدَّمَت

رأيت وجوه الأزد فيها تَهَلَّلُ

حياء وحفظًا واصطبارًا وإنهم

لها خُلِقوا والصَّبر للموت أجملُ

وهم يضمنون الجار من كلّ حادثٍ

ويمشون مشي الأُسْدِ حين تبسّلُ

يُرى جارهم فيها منيعًا مكرمًا

على كلّ ما حالٍ يُحبُّ ويوصَلُ

إذا سِيم جارُ القوم خَسْفًا فجارهم

عزيزٌ حِمَاه في عَمَايةَ يعقِلُ

الفصل الثاني: مكانة الأزد في العربية

المبحث الأول: شواهد من أقوال العلماء:


(١) رحلة ابن بطوطة ١٨١. وينظر: صحيح البخاري (كتاب المناقب -٣٤٩٩) ، والحلية ٧/٣٦٣.
(٢) صحيح البخاري (كتاب أحاديث الأنبياء - ٣٣٩٦) ومسند الإمام أحمد (٢٣٥٣) المعجم الكبير للطبراني٢٤/٤٣٣.