أما الفصل الثاني فقد تحدثت فيه عن مكانة الأزد في العربية، فعمدت أولاً إلى ذكر شواهد من كلام العلماء، تذكر أنهم من أفصح العرب، بل نقلت كلامًا للخليل بن أحمد وأبي عمرو بن العلاء والمبرد أجمعوا فيه على أن أزد السّراة هم أفصح العرب قاطبة.
وذكرت أن فصاحتهم تلك بقيت إلى أزمنة قريبة غضة نقية من شوائب اللحن، ونقلت - تصديقًا لذلك - شواهد حية من كلام علماء شافهوا أولئك القوم في عصور مختلفة تلت عصور الاحتجاج حتى عصرنا الحاضر.
ثم أشرت إلى ما أصاب لغتهم - في الوقت الراهن - من هجنة اللحن البغيض، وذكرت أسباب ذلك، وانتهيت إلى أنها لا تزال من أقرب اللغات إلى الفصحى في أرجاء الجزيرة العربية.
ثم أشرت إلى منهج اللغويين في إغفال الأخذ عن أزد عمان وأزد غسّان وقبائل عربية أخرى، بدعوى اختلاطهم بأمم غير عربية، ثم أبنت عن قصور ذلك المنهج، إذ إن لغات تلك القبائل قد ورد لها شواهد وأمثلة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، واستشهد بها عدد من أئمة العربية، كابن مالك - رحمه الله.
ثم أتبعت حديثي عن فصاحة الأزد بضرب أمثلة من لغاتهم تشمل المستويات اللغوية (الصوتية، والصرفية، والنحوية، والدلالية) كافة.
وقد نقلت الأمثلة من مصادر شتى، أبنت من خلالها عن أهمية لغات الأزد ودورها في إثراء العربية بجميع مستوياتها المذكورة، وعن أهمية دراستها دراسة مستوعبة متأنية، إذ إنها لم تحظ بعناية الباحثين في الدراسات اللغوية.
وقد اتضح من خلال تلك الأمثلة أن لغات الأزد وبخاصة أزد السراة، ومنهم أزد شنوءة، هي من أكثر لغات العرب شيوعًا في المصادر العربية، ذلك أنهم كانوا من أفصح العرب بشهادة أئمة اللغة.
كما اتضح أن أكثر ما تناوله اللغويون والمفسرون وغيرهم من لغات الأزد كان ينصب على الدلالة اللغوية، حيث ذكروا في تفسير معاني كثير من الألفاظ بأنه جاء على لغة من لغات الأزد.