للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن الانشغال بملذات الدنيا ومطالب الجسد، وشهوات النفس، يكون موبقاً بين الإنسان والإبداع، ويغلق آفاق المبدعين ويوصدها، ويجعلها محجورة بين أقواس الشهوات، لا يفكر في الإنتاج المثمر فضلاً عن الإبداع في ذلك، لأن انشغال النفس بالملذات يجعلها كلما أصابت لذة، تاقت لما بعدها، فينتهي العمر، ولم يحز المرء على كل رغباته الدنيوية، إضافة إلى أن الترف يقود إلى حب الاسترخاء والتمادي فيه، والبعد عن الجدية في البحث والمطالعة والمدارسة، قال عمر بن الخطاب – رضي الله عنه: "إياكم والتنعم، وزي العجم، وتمعددوا، واخشوشنوا".

لذلك ينبغي البعد عن ترف الحضارة، فإنه يؤنث الطباع، ويرخي الأعصاب، ويقيدك بخيط الأوهام، فيصل المجدون لغايتهم، والمشغول بزيفها لم يبرح مكانه.

وليس المقصود هجر الطيبات، ولكن الاسترسال في الملذات، قال تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} (١) .

٦ - عدم التشجيع:

إن التشجيع له دور كبير في ابراز أصحاب المواهب، كما أن عدم التشجيع يثبط الهمم، خاصة إذا صاحب ذلك التهوين من قدر الإنسان "والإسلام شجع الأفراد للاستفادة من إمكاناتهم وقدراتهم العملية في بناء الحضارة وعمارة الأرض على أساس من التعاون على البر والتقوى، ونبذ الحسد والتباغض" الذي قد يكون أحد أسباب عدم التشجيع.

وقد يرجع أسباب عدم التشجيع إلى يأس المعلمين والأسرة من أن يلحقوا بركاب التقدم التقني أو الزراعي أو التجاري أو الصحي أو التعليمي أو غير ذلك من الجوانب التي تأخرت فيها الأمة، وقد يكون سبب عدم التشجيع الجهل بعدم أهميته في كشف المواهب.

والدراسات التربوية تثبت أهمية التشجيع في صقل المواهب، وخطورة قهر الأفراد على اختيارات لا يرضونها"لأن الإنسان لا يركز انتباهه أو يعمل فكره، ويضاعف جهده إلا فيما يميل إليه، ويشعر بانجذاب شديد إلى ممارسته.


(١) سورة القصص: آية رقم ٧٧.