للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٥- تدبر الماضي التاريخي:

إن التاريخ حصيلة تجارب الأمم، وعبرة يعتبر بها الإنسان، ويستفيد منها، وقد نبه القرآن الكريم إلى أهمية استشراف التاريخ، والتعرف على السنن الطبيعية والاجتماعية، والإفادة من ذلك في الاعتبار، وبناء الحضارة، والمحافظة عليها من السقوط.

ولكن كشف هذه السنن المطردة لا يمكن أن يتم إلا بالاستقراء التاريخي، ودراسة أحوال الأمم الماضية، والوقوف على عوامل تقدمها، وأسباب سقوطها.

والآيات القرآنية التي تحث على الاعتبار كثيرة ومن ذلك حثه سبحانه وتعالى على الاعتبار من عاقبة الأمم التي كذبت الرسل، وكانوا أصحاب أموال وقوة وعمران، فلما بغوا جاءهم العذاب فلم تنفعهم قوتهم، قال تعالى: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً} (١) .

وأما أسلوب عرض الوقائع والأحداث التاريخية دون استجلاء العبر والسنن الإلهية في التمكين والنصر وفي الهزيمة، فلا يزيد شيئاً في الجانب التفكيري، وفي تقوية الجانب الإيماني، وفي الاعتبار والاستفادة، ولذلك فإن الدراسات التاريخية تحتاج إلى هذا النوع البناء من استجلاء العبر، وربط السنن الكونية بالسنن الشرعية الواردة في القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة.

إضافة إلى إبراز مظاهر الحضارة الإسلامية وعمقها، وما أنتجته وأسهمت به في تقدم الأمم، لأن في ذلك باعثاً للهمم نحو التطلع لتحقيق المجد التليد، والاقتداء بِسِيَرِ الأولين في الجد والاجتهاد.

٦- أن تكون التفسيرات للأحداث في ضوء الشرع:


(١) سورة فاطر: آية رقم ٤٤.